توقيت القاهرة المحلي 19:48:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حوارات المغرب (1- 2)

  مصر اليوم -

حوارات المغرب 1 2

بقلم : عمرو الشوبكي

دعيت إلى مؤتمر دولى عقد فى مدينة الداخلة بالصحراء المغربية الأسبوع الماضى نظمته مؤسسة Crans Montana العالمية وشارك فيه حوالى 1200 مدعو من 140 بلدا مختلفا تحت عنوان «نحو أفريقيا جديدة» وكانت فرصة للحوار والنقاش حول ما يجرى فى المغرب والعالم العربى وباقى بلاد الدنيا على مدار 5 أيام

والحقيقة أن هذا المؤتمر كان نموذجا حيا لاستخدام بلد عربى غير نفطى لمفهوم القوة الناعمة والدفاع عن قضاياه وفى القلب منها قضية الصحراء المغربية دون ابتذال أو هتافات تعبوية تذكرنا بما كانت تقوم به بعض النظم العربية فى نهايات القرن الماضى، إنما بإعطاء فرصة لنقاش حر بين الحاضرين، وتقديم صورة طبيعية تقول إن تلك المنطقة لا تختلف كثيرا عن باقى المناطق المغربية.

والحقيقة أن الخبرة المغربية تذكرنى دائما بما سبق أن كتبته منذ حوالى 10 سنوات عن النموذج البريطانى حين وصفته فى أحد المقالات «ببريق الهدوء»، فهو نموذج سياسى وحضارى مستقر، والملكية فيه ضاربة فى جذور التاريخ منذ قرون طويلة وعرفت تراكما تاريخيا جعل البلد نموذجا للاستقرار فى المنطقة، لا تتوقع منه تغييرات فجائية أو ثورية، إنما هو دائما يحدث تغييرات إصلاحية.

وقد بدأ المغرب فى إحداث إصلاحات حقيقية فى عهد الملك الحالى محمد السادس بتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة فى 7 يناير 2004 كأداة فعالة للبحث عن الحقيقة فى ملفات انتهاكات حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا من خلال «جبر الضرر» ورد الاعتبار لهم. واعتبرت الدولة المغربية هذه الهيئة جهازا ذا اختصاصات غير قضائية فى مجال تسوية ملفات ماضى الانتهاكات لحقوق الإنسان بحيث تقتصر مهمتها على البحث على الحقيقة وتقييم الضرر.

وأعطت الحكومة المغربية الحق للهيئة لعمل جلسات استماع فى مختلف مدن المملكة وأعطت فرصة للأشخاص ضحايا الانتهاكات للتعبير بصفة شخصية ومباشرة على شاشة التليفزيون لما تعرضوا له من تنكيل وتعذيب وإهدار للكرامة وما تعرض له ذووهم من أضرار جسيمة مادية ومعنوية.

والحقيقة أن تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة جاء فى عهد الملك الجديد محمد السادس نجل الملك السابق الحسن الثانى الذى ارتكب فى عهده كثير من الانتهاكات، أى أنها لم تؤسس عقب ثورة إنما عبر «إرادة إصلاحية» صحيح أن هناك من يراها غير كافية إلا أنها فتحت الباب أمام النظام السياسى لإصلاح نفسه من داخله وبناء نموذج سياسى قابل للتطور.

والمفارقة أن المغرب الملكى المحافظ شكل هيئة الإنصاف والمصالحة فى حين أن مصر الجمهورية التى شهدت ثورة كبرى لم تفتح ملف الماضى ولو بمنطق جبر الضرر فى مفارقة تبدو لافتة.

وقد تواكب مع أعمال هذا المؤتمر قيام الملك محمد السادس بتكليف لسعد الدين العثمانى القيادى فى حزب العدالة والتنمية تشكيل حكومة جديدة بدلا من عبدالإله بن كيران، رئيس الحزب، بعد أن فشلت محاولات الأخير على مدار 5 أشهر فى تشكيلها، وهو الأمر الذى انعكس على حوارات كثير من الحاضرين مع المثقفين والسياسيين المغاربة.

وقد ذكر لى أحد المحامين المغاربة، وهو من المنتمين لحزب التقدم والاشتراكية، أن تكليف العثمانى هو رسالة مزدوجة للأحزاب أو بالونة اختبار، تقول إن هناك هامشا فى المغرب لكى تتحرك الأحزاب وتشكل الحكومة، ولكن هناك أيضا خطوطا حمراء يضعها النظام الملكى، وتلك ربما ميزة المغرب فى وضوح مساحات الجدل والخلاف وحدوده فى نفس الوقت بحيث تعرف أين تبدأ وأين تنتهى.

أما حوارات المؤتمر ومستقبل أفريقيا فيبقى ذلك حديث الغد.

صحيفة : المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حوارات المغرب 1 2 حوارات المغرب 1 2



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon