توقيت القاهرة المحلي 09:24:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إرهاب «حسم»

  مصر اليوم -

إرهاب «حسم»

بقلم : عمرو الشوبكي

لم تعلن أى جهة حتى الآن مسؤوليتها عن العملية الإرهابية التى راح ضحيتها 8 شهداء من رجال الشرطة فى الوادى الجديد ليستمر مسلسل القتل والإرهاب فى القاهرة والدلتا كما فى سيناء حتى لو اختلفت الوتيرة وطبيعة العمليات.

والحقيقة أن التقرير الذى بثته قناة سكاى نيوز عربية يوم الجمعة الماضى عن حركة سواعد مصر (حسم) وحمل اسم الإصدار المرئى الأول دفعنى للاطلاع على موقعها واختبار ما سبق أن أشرت إليه مرات عديدة من تنوع روافد العنف والتحول النوعى فى طبيعة العمليات الإرهابية والتحذير من دخول رافد جديد لساحة العنف والإرهاب لا يعتمد أساساً على الجانب الفقهى والعقائدى إنما على الانتقام السياسى وعلى مقولات ثأرية من النظام القائم يغلفها فى النهاية بغطاء ومبرر دينى.

والحقيقة أن حركة حسم تضم بالأساس عناصر شبابية إخوانية قررت حمل السلاح وممارسة العنف والإرهاب واعتبرت النظام القائم عدواً واحتلالاً، وأصدرت 9 بيانات سمتها بالبيانات العسكرية (ولم تستخدم وصف غزوة كما تفعل داعش فى عملياتها الإرهابية) وهى كلها وصف لعمليات إرهابية جرت خارج سيناء وآخرها عملية كمين الهرم، ومن الوارد بشدة أن تكون وراء العملية الإرهابية الأخيرة فى الوادى الجديد.

والحقيقة أن إرهاب كل من حسم وداعش يتشابه فى الحرص الشديد على الجانب الإعلامى والتسويقى، وعنصر الإبهار والتخويف حاضر بقوة فى دعاية التنظيمين، حتى أصبحنا أمام تنظيمات تحركها بالأساس سياسة دعائية وإعلامية أكثر منها رسالة عقائدية.

والحقيقة أن هناك أهمية كبرى لفتح نقاش عام علمى وسياسى حول «الإرهاب الجديد» فى مصر حتى لا يترك البعض لهتافات بعض الإعلاميين أو صراخ بعض السياسيين التى تتحدث كل يوم عما هو بديهى بأن الإرهاب بشع وأن الإرهابيين مجرمون يستحقون القصاص، فى حين أن المطلوب هو معرفة لماذا لم نهزم الإرهاب فى الوادى أو فى سيناء؟ ولماذا لم تتراجع وتيرته؟ وما هى دوافعه؟ وما هى طبيعة البيئة الحاضنة التى تفرز الإرهابيين؟

والحقيقة أن تجربة حسم هى تجربة حديثة ارتبطت بالظرف الحالى واستغلت حالة الفراغ السياسى وحدوث مظالم سياسية وأمنية فى طرح خطاب مظلومية متكامل يحمل كراهية وثأرا وتحريضا ضد النظام القائم ولا يستند فى بياناته على أساس فقهى ظاهر، فحتى أدبيات سيد قطب الإخوانية التى فتحت الباب واسعا أمام مدارس التكفير المختلفة غير موجودة فى أدبيات الحركة، ولا يوجد بها من الأصل قسم شرعى للفتاوى إنما هى حركة فعل وإرهاب مباشر.

حركة حسم على خلاف داعش لديها بعد سياسى (وهنا الخطورة) فتعمل على استقطاب الناس واستمالتهم لها حتى لو لم ينضموا للتنظيم، فقد حرصت مثلا على أن تخاطب الناس الذين قضوا غرقا فى رشيد بأبيات شعر وتذكير الناس بمظالم النظام ومسؤوليته عن غرقهم، وكرروا نفس الأمر مع شهداء الكاتدرائية حين حملوا النظام مسؤولية سقوطهم.

إن أخطر ما فى إرهاب حسم أنه يسعى للحصول على ظهير شعبى من أناس لا يؤيدون العنف ويرفضونه ولا يؤيدون «الإخوان» ويرفضونها، ومع ذلك حرصوا على مد الجسور ولو دعائياً مع حاضنة اجتماعية محايدة لكى تعتبر أن خلاص المحبطين منها هو العنف والإرهاب.

وقد استغلت «حسم» مسألة أنها لم تسيطر على أى أرض مثل الدواعش فى سوريا والعراق وأحيانا بعض الأحياء فى سيناء مصر (ليلا) فقتلوا وذبحوا (حتى طالت أياديهم الآثمة شيخا صوفيا فى العريش مؤخرا) حتى تمنى الناس يوم الخلاص منهم، فى حين بقيت حسم مجرد فكرة وبريق دعائى وصور ومفردات ثأرية قادرة على الجذب وتجنيد الشباب المحبط.

إرهاب حسم إرهاب تنظيمات مسلحة سرية لا تراها على الأرض وتباغت هدفها خلسة وتجندهم أيضا خلسة، وتمتلك خطابا حريصا على تحييد الناس ولا يستبعد المواطنين من مفرداته وخططه ودعايته.

خطاب حسم سياسى وانتقامى ليس فيه بعد فقهى ودينى إلا من حيث الشكل وإبراء الذمة.. آية قرآنية فى المتن أو فى المقدمة والخاتمة، أما المضمون فكله عبارة عن مفردات سياسية تبرر الإرهاب والثأر وتبث الكراهية والانتقام.

إن معركة مصر ضد الإرهاب ليست فقط مع من يرفع السلاح ويروع الأبرياء ويقتل رجال الجيش والشرطة ويستهدف المسيحيين لأسباب طائفية (لأنهم مسيحيون) وأسباب سياسية (تراهم مؤيدين للنظام القائم) إنما مع البيئة الحاضنة ومع الخطاب الدعائى والسياسى الذى يستقطب كل يوم شبابا يحمل السلاح ويمارس العنف والإرهاب.

إن التحول الذى جرى فى مصر منذ 3 سنوات جعلها مستهدفة من خطاب سياسى مناهض قائم على المظلومية والانتقام والرفض الجذرى للنظام الجديد، وإن هذا النوع من الإرهاب السياسى تزايد فى الفترة الأخيرة بصورة مقلقة، حيث تقف رواية مظلومية سياسية وراء نوعية من العمليات الإرهابية تجرى فى الدلتا ومرشحة للتزايد طالما تصورنا أننا سنقاوم الإرهاب فقط بالأمن وفقط بإصلاح الخطاب الدينى، وننسى المعالجة السياسية والاجتماعية بمواجهة كل صور المظالم وتحقيق العدل والعدالة وهى كلها مفاتيح رئيسية قادرة على الاشتباك مع البيئة الحاضنة التى تصنع الإرهابيين.

إرهاب حسم خطر وقادر على الإيذاء فى القاهرة والدلتا والمناطق السياحية والمطلوب سياسة جديدة تستهدف جمهورهم وتختلف عن السياسة الأمنية التى تستهدف عناصرهم التنظيمية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب «حسم» إرهاب «حسم»



GMT 00:00 2023 الأربعاء ,08 آذار/ مارس

"سماحة الإسلام" ليست كفراً

GMT 08:07 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

عودة «داعش»

GMT 08:16 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

ليست النمسا.. بل أوروبا والإخوان

GMT 00:24 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

البغدادى انتهى لكن التطرف مستمر

GMT 00:30 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشمال السورى.. حيث الهدايا المجانية للإرهاب

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon