توقيت القاهرة المحلي 06:10:04 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حلب الجريحة

  مصر اليوم -

حلب الجريحة

بقلم : عمرو الشوبكي

ما يجرى فى حلب هو جرح غائر يدفع ثمنه آلاف المدنيين بين شهداء وجرحى بفعل جرائم النظام السورى المستبد، وإرهاب داعش التكفيرى المجرم اللذين صنعا هذا المشهد غير الإنسانى وتدمير واحدة من أهم المدن العربية وأجملها، وإن كل من تجاهل المأساة الإنسانية فى سوريا سيأتى عليه اليوم وسيدفع ثمن انعدام الضمير وتجاهل الثمن الإنسانى الباهظ لسقوط حلب مهما كانت الحجج والمبررات.

صحيح أن الصور تتحدث عن انتصار الجيش العربى السورى بكل ما تمثله الكلمة من حنين تاريخى لجيش حارب الإسرائيليين على الأرض فى 73 وليس بالشعارات، فى حين أن الواقع يقول إن من يحارب فى سوريا ومن سيطر على الجانب الشرقى لحلب هو ما تبقى من جيش نظام مستبد ومعه ميليشيات طائفية عراقية وإيرانية وأفغانية وليس الجيش الذى حارب معنا إسرائيل فى 73.

صحيح أن الطرف المقابل لهذا الجيش ولهذا النظام لم يعد الثورة المدنية الشعبية التى خرجت تواجه النظام المستبد منذ 5 سنوات وقمعها بقسوة ونكّل بقادتها وذبح شبابها على يد «شبيحته» ورجال أمنه، إنما هى أصبحت الآن فى يد داعش والإرهابيين، وأن عسكرتها بهذه الطريقة كان وبالاً على الثورة السورية، وكذلك السقوط المدوى لعدد كبير من فصائلها المسلحة فى فخ الأموال القطرية التى دعمت بسخاء الفصائل التكفيرية فى سوريا حتى نالت بحق لقب راعى الإرهاب الأول فى العالم العربى، ووقعت السعودية فى خطأ الثأر من بشار ونظامه، واختزلت الثورة السورية فى إسقاطه حتى لو كان الثمن هو إسقاط ما تبقى من الدولة والجيش السورى وسيطرة التنظيمات التكفيرية على سوريا وتهديدها لكل دول المنطقة بما فيها الشقيقة السعودية.

علينا أن نمتلك الشجاعة لنرفض جذريا ما يجرى فى سوريا الآن، فسقوط حلب لم يكن تحريرا مثل أن سيطرة التكفيريين وحلفائهم على مناطق واسعة من سوريا ليست ثورة.

إن الفارق الذى عرفته مصر، ولو نسبياً، طوال عهد مبارك بين الدولة والنظام الحاكم (تراجع الآن) غير موجود فى سوريا، ففى مصر تستطيع أن تقول بثقة إن الجيش هو جيش الدولة وليس النظام، والقضاء شرحه، والشرطة كذلك، وفى لحظات الأزمات الكبرى، كما جرى عقب ثورة يناير، يتضح الفارق بين الدولة والنظام، وهو عكس سوريا، فالجيش فيها هو جيش النظام الاستبدادى الطائفى بامتياز، ولا يوجد قضاء ولا أجهزة دولة مستقلة بأى صورة من الصور عن النظام وأجهزة الأمن.

ورغم هذه الصورة القاتمة فى سوريا، فإن الاختيار بين السيئ متمثلا فى بقاء النظام (رغم كل مصائبه) والأسوأ متمثلا فى انتصار الفصائل التكفيرية المسلحة- سيكون بكل أسف لصالح الخيار الأول، لأن سقوطه بعد عسكرة الثورة على يد داعش وحلفائه سيعنى نهاية كاملة لأى فرصة لإعادة بناء الدولة المدنية السورية.

أخطاء المعارضة السورية كثيرة، وأخطاء الجيش الحر أيضا كثيرة، رغم أنها لا يمكن أن تقارن بجرائم النظام، إلا أن نجاح نظام بشار فى نقلها لساحة معركة لن تستطيع معها المعارضة والجيش الحر أن يخوضاها حتى النهاية أو ينتصرا فيها، وهى معركة المعادلة الصفرية التى لا يحتملها إلا داعش وحلفاؤه التكفيريون، وبشار وحلفاؤه الطائفيون، أما المعارضة المدنية فمعركتها فى مساحة أخرى أهمها عدم مساعدة النظام بالاستمرار فى حرب عسكرية يبدو فيها داعش وكأنه البديل، إنما الضغط عليه شعبيا ودوليا وتركه لتناقضاته الداخلية التى قد تدفع البلاد لتقديم بديل من داخل ما تبقى من الدولة السورية يقصى بشار، ويفتح الباب لسوريا جديدة بلا إرهاب ولا جروح ومآس إنسانية.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلب الجريحة حلب الجريحة



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon