بقلم : عمرو الشوبكي
بدأت فرنسا وإسبانيا أمس الاثنين رفعا تدريجيا للحظر الصحى الذى استمر ما يقرب من شهرين بسبب انتشار فيروس كورونا، وأعلنت مديرية الصحة الفرنسية تسجيل 70 وفاة فى أدنى حصيلة للوفيات منذ بدء الحظر المنزلى وبعد أن كانت الأرقام اليومية قد تراوحت على مدار شهر من 500 إلى 900 متوفى يوميا.
وقد خلف وباء كورونا حوالى 26 ألف متوفى أغلبهم فى العاصمة الفرنسية وضواحيها، ولايزال هناك حوالى 176 ألف مصاب، أما بالنسبة للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالوباء فقد أشار رئيس الوزراء الفرنسى إلى أنه: «ليس هناك فرض حجر صحى، لكن يجب الحذر»، معتبرا أن الوسيلة الوحيدة اليوم لعدم الإصابة اليوم بالفيروس هى «الحماية»، فى غياب دواء ولقاح ضد الفيروس فى الوقت الحالى وأن الحكومة تحاول «التوفيق بين ضرورة العودة إلى الحياة الطبيعية واحترام كل الاحتياطات التى ستمنع عودة انتشار الوباء».
والواضح أن أوروبا قد بدأت فى إجراءات رفع الحظر وخاصة البلاد الثلاثة الأكثر تضررا (فرنسا وإيطاليا وإسبانيا) بعد أن قلت أعداد الإصابات والوفيات بدرجة كبيرة وبعد إجراءات حظر صارمة، وأن رفع الحظر لم يكن قرارا متسرعا رغم ضغوط الاقتصاد، ولم يطرح أحد قضية وعى الشعب من عدمها لأن أكثر الشعوب تقدما لو تركت لوعيها أو لاختياراتها دون تطبيق القانون وفى ظل مغريات الحياة الأوروبية بالمعنى الثقافى والترفيهى لكانت ضرت نفسها ومجتمعها أكثر مما يتخيل الكثيرون.
وقد نظم قرار الرفع التدريجى للحظر أدق التفاصيل (ومع ذلك تعرض لانتقادات كثيرة) فمثلا وفر الكمامات بسعر زهيد للجميع، ووضع أمام محطات القطار والمترو دوائر تراعى المسافة الاجتماعية يقف فيها الناس (مشهد حدث فى بعض الأماكن فى مصر حين وجد الناس من يضع لهم هذه الدوائر). كما ألزمت كل من يستخدم مواصلة عامة بارتداء الكمامة وسيعطى للعاملين فى الحكومة تصريح خاص من أجل استخدام المترو دون غيرهم لضمان عدم وجود تكدس، كما أعلنت أنها لن تسمح للمواطنين بالتنقل إلا فى مساحة 100 كيلو متر.
كما جاء القرار أيضا بعد أن عرفت الحكومة أماكن انتشار الفيروس وعرضوها على الرأى العام، فقسمت البلاد إلى منطقة خضراء وحمراء، الأولى هى التى قل فيها عدد المصابين، ولديها قدرة على فحص 700 ألف مواطن أسبوعيا، أما المنطقة الحمراء فتضم العاصمة وضواحيها وشمال شرق البلاد، وهى التى لم يعد فيها الطلاب إلى المدارس.
سيظل قرار رفع الحظر التدريجى قرارا صعبا ومركبا حتى فى البلاد المتقدمة وهو لم يحدث فى أى بلد إلا بعد أن تراجعت أعداد الإصابات والوفيات وأجريت فحوصات على نطاق واسع، أما فى حال غياب تلك المؤشرات، فإن الأمر سيكون مخاطرة كبيرة قد لا يحمد عقباها.