بقلم:عمرو الشوبكي
ردت إسرائيل على الهجوم الإيرانى واستهدفت مواقع إنتاج الصواريخ الباليستية، وقالت إنها عطلت إنتاجها لمدة عام، كما استهدفت أيضًا بطاريات صواريخ وقواعد دفاع جوى روسى متطورة (S٣٠٠)، وقتلت عددًا من الجنود الإيرانيين.
طهران من جانبها أكدت أن الهجوم الإسرائيلى كان محدودًا دون أن تحدد تفاصيل، لكن المؤكد أن إسرائيل لم تقم بضربة شاملة ولم تتجاوز الخطوط الحمراء التى يمكن أن تحول هذه المواجهة إلى حرب شاملة، فلم تستهدف منشآت إيران النووية ولا النفطية رغم أنها أقل تحصينًا وحماية من المواقع التى استهدفتها.
من يتأمل الهجوم الإيرانى الشهر الماضى والرد الإسرائيلى منذ عدة أيام سيكتشف أن كليهما التزم بسياسة الردع بالنقاط وليس بالضربة القاضية، فقد حملت الصواريخ التى أطلقتها إيران على إسرائيل متفجرات محدودة، لتوجه رسالة تقول: «اخترقنا أجهزة راداراتكم ونجحنا فى الوصول بصواريخنا إليكم، وفى المرة القادمة قادرون على أن نؤذيكم بصورة أكبر».
وقد تعود إيران للهجوم مرة أخرى على إسرائيل، ولكنه سيكون على الأرجح أضعف من هجومها السابق، لأنها حتى اللحظة لا تريد أن تدخل فى حرب شاملة مع الدولة العبرية، خاصة أن الأخيرة لم تخرج فى ردها عن استراتيجية الردع بالنقاط.
إن معارك الردع بالنقاط، مثل المناوشات المحسوبة، قد تؤدى إلى مواجهة شاملة عن قصد أو غير قصد، ولكنها باتت استراتيجية معتمدة عربيًا وإقليميًا وعالميًا، وتمثل أحد مظاهر الصراع المسلح فى العالم كله، وهى التى تحكم طبيعة الصراع بين إيران وإسرائيل حتى اللحظة.
صحيح أن مواجهات «حافة الهاوية» والردع بالنقاط لا تؤدى إلى انتصار حاسم، كما هو حال المواجهة الدائرة حاليًا بين إيران وإسرائيل، إلا أنها قد تتحول إلى مواجهة شاملة فى ظروف محددة واستثنائية.
دعم الدول لحلفائها يتم أيضًا بحساب، فسنجد مثلًا دعم إيران الكبير لحزب الله لم يؤدِ إلى تورطها بتدخل مباشر فى الحرب، فترسل جنودًا أو قوات من الحرس الثورى تقاتل مع حزب الله فى لبنان، لأنها تعلم أنها لو فعلت ذلك فستخرج من استراتيجية «الردع بالنقاط» وتدخل فى دائرة المواجهة الشاملة التى لا تريدها، فاكتفت بإرسال مستشارين عسكريين للحزب.