توقيت القاهرة المحلي 20:33:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحالف إقامة الدولة الفلسطينية

  مصر اليوم -

تحالف إقامة الدولة الفلسطينية

بقلم:عمرو الشوبكي

أعلن وزير الخارجية السعودي في نهاية الشهر الماضي من نيويورك إطلاق التحالف الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية، وذكر أن هذا التحالف هو «نتاج جهد أوروبي وعربي مشترك» واعتبر أن «قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حق أصيل وأساس للسلام، وليس نتيجة نهائية يتم التفاوض عليها ضمن عملية سياسية بعيدة المنال».

وتأتي هذه المبادرة في ظل فشل مسارات التسوية السلمية التي سعت للوصول لحل الدولتين، وأن السياق الحالي هو سياق المواجهات المسلحة والقتل والدماء وليس السلام، كما أن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل خلقت حالة من المرارة والغضب المكتوم في نفوس الفلسطينيين والعرب، وهو وضع سيضاعف من عمليات العنف و«الدهس» وتعميق حالة «الخلايا النائمة» كما جرى مؤخراً في القدس، وسبق أن اكتوت بنارها عشرات المدن الغربية، ويحركها الثأر والانتقام.

والحقيقة أن السياق الحالي الذي ستنطلق في إطاره مبادرة إقامة الدولة الفلسطينية سيواجه بوضعية «إسرائيل الاستثنائية» مقارنة حتى بأوضاعها السابقة، فهي لم تعد دولة الصقور والحمائم والمتشددين والمعتدلين، إنما أصبحت «دولة كل الصقور» الذين يمارسون التطهير العرقي والإبادة الجماعية وتعمُّد قتل المدنيين بأريحية كبيرة.

وهنا سيصبح السؤال: هل إذا صمد «حزب الله» في معركته مع القوات الإسرائيلية ونجح في إيقاع خسائر كبيرة (نسبياً) في صفوفها، هل سيكون عنصراً مساعداً في ردع إسرائيل ودفعها لتقديم تنازلات لصالح لبنان وفلسطين والمسار السياسي؟ وهل انتصار إسرائيل الكامل سيجعلها في وضع لا تفكر في أي تسوية؟

والحقيقة أن التباين الذي جرى في مراحل سابقة بين من أيّدوا المسار السياسي والسلمي وبين من رفعوا رايات الكفاح المسلّح، لم يكن فقط على مستوى الخطاب السياسي والإعلامي، إنما كان بين مشاريع عملية جرت في الواقع، فرغم السجال الحاد الذي جرى بين الرئيس السادات وكثير من زعماء «الممانعة» العرب، وأيضاً في مواجهة خطاب الثورة الإيرانية الذي ظهر في عام التوقيع على معاهدة السلام (1979) نفسه، وحمل شعارات وتوجهات عكسية، قامت على رفض مسار التسوية السلمية ومواجهة إسرائيل وأميركا (الشيطان الأكبر)، فإن ذلك لم يَحُل دون وجود «بناء» على الأرض اسمه معاهدة السلام التي أعادت سيناء للسيادة المصرية، ولم يكن مجرد سجال في الهواء بين مشروعي التسوية السلمية والمقاومة المسلحة.

وقد تكرر الأمر نفسه في سياق مختلف مع اتفاق «أوسلو»، فالتحولات التي شهدتها منظمة التحرير كانت نتاج جدل وخلاف وصل إلى حد الصراع الداخلي بين فصائلها حول الاتفاق، وانتهى بأن قاد ياسر عرفات مسار التسوية السلمية وتم التوقيع على اتفاق «أوسلو» عام 1993، الذي فتح الباب «نظرياً» لتحويل مناطق الحكم الذاتي إلى دولة فلسطينية قبل أن تجهضها الحكومات الإسرائيلية بشكل ممنهج بنشر المستوطنات في الضفة الغربية.

وقد يكون مفارقة أن حركة «حماس» التي رفضت اتفاق «أوسلو» استفادت منه، وعادت إلى مناطق الحكم الذاتي وضاعفت من قوتها السياسية والعسكرية حتى سيطرت بالقوة على قطاع غزة في 2007، ثم دخلت بعد ذلك في مواجهتها المسلحة ضد إسرائيل حتى عملية 7 أكتوبر.

والواضح أن من ذهبوا إلى مسار «أوسلو» كما كامب ديفيد واختاروا الاعتدال والتسوية السلمية قدموا «شيئاً ملموساً» على الأرض لم يكن محل اتفاق داخل مصر وخارجها أو داخل منظمة التحرير وخارجها، ولكنهم فعلوا وقالوا هذا ما استطعنا أن نحصل عليه وسنرى ماذا سيفعل الرافضون والممانعون.

إن حل الدولتين هو الحل الذي أيّدته الشرعية الدولية ودعمه العرب والفلسطينيون، ومن عارضوه قالوا إنهم يقبلونه بشكل مرحلي كما فعلت «حماس» وفصائل أخرى، حتى لو تمسكوا باستعادة فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر أو ببناء دولة علمانية واحدة يعيش عليها الجميع.

من هنا فإن مبادرة التحالف الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية تأتي في وقت لا يوجد فيه على الساحة «بديل سلمي» ولا حتى أفق للتسوية، وإن البدائل تتراوح بين استمرار القتال ووقف إطلاق النار في انتظار جولة جديدة من الحروب.

إذا نجحت هذه المبادرة في تأسيس تحالف دولي واسع يضم العالم كله من أوروبا إلى أميركا الجنوبية ومن جنوب أفريقيا إلى الدول العربية، فإنها ستملأ الفراغ الحالي في ساحة التسوية السلمية، وقد تكون فرصة لمواجهة ضعف الأداء العربي وترهل وهشاشة المؤسسات الدولية، وتقديم مسار سلمي متكامل وعادل يواجه ليس فقط الاحتلال، إنما أيضاً كل جوانب الخلل التي ظهرت في المنظومة الدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحالف إقامة الدولة الفلسطينية تحالف إقامة الدولة الفلسطينية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 23:18 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

علاج جيني جديد لفشل القلب يحقق نتائج مبهرة خلال التجارب

GMT 06:24 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعًا

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:03 2019 الإثنين ,05 آب / أغسطس

ازمة في الاتحاد السكندري بسبب مواعيد الكأس

GMT 00:30 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

جماهير المصري تدعم الفريق قبل مواجهة النجوم

GMT 22:45 2024 الجمعة ,23 آب / أغسطس

قصي خولي يقدم برنامج "من سيربح المليون"

GMT 00:03 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

المصري يرفض الإستغناء عن بوسكا

GMT 21:20 2019 الخميس ,25 تموز / يوليو

سموحة يتعاقد مع الليبي محمد الترهوني

GMT 10:04 2018 الأحد ,08 تموز / يوليو

نجاح المصرى بالخارج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon