توقيت القاهرة المحلي 15:32:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحالف إقامة الدولة الفلسطينية

  مصر اليوم -

تحالف إقامة الدولة الفلسطينية

بقلم:عمرو الشوبكي

أعلن وزير الخارجية السعودي في نهاية الشهر الماضي من نيويورك إطلاق التحالف الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية، وذكر أن هذا التحالف هو «نتاج جهد أوروبي وعربي مشترك» واعتبر أن «قيام الدولة الفلسطينية المستقلة حق أصيل وأساس للسلام، وليس نتيجة نهائية يتم التفاوض عليها ضمن عملية سياسية بعيدة المنال».

وتأتي هذه المبادرة في ظل فشل مسارات التسوية السلمية التي سعت للوصول لحل الدولتين، وأن السياق الحالي هو سياق المواجهات المسلحة والقتل والدماء وليس السلام، كما أن جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل خلقت حالة من المرارة والغضب المكتوم في نفوس الفلسطينيين والعرب، وهو وضع سيضاعف من عمليات العنف و«الدهس» وتعميق حالة «الخلايا النائمة» كما جرى مؤخراً في القدس، وسبق أن اكتوت بنارها عشرات المدن الغربية، ويحركها الثأر والانتقام.

والحقيقة أن السياق الحالي الذي ستنطلق في إطاره مبادرة إقامة الدولة الفلسطينية سيواجه بوضعية «إسرائيل الاستثنائية» مقارنة حتى بأوضاعها السابقة، فهي لم تعد دولة الصقور والحمائم والمتشددين والمعتدلين، إنما أصبحت «دولة كل الصقور» الذين يمارسون التطهير العرقي والإبادة الجماعية وتعمُّد قتل المدنيين بأريحية كبيرة.

وهنا سيصبح السؤال: هل إذا صمد «حزب الله» في معركته مع القوات الإسرائيلية ونجح في إيقاع خسائر كبيرة (نسبياً) في صفوفها، هل سيكون عنصراً مساعداً في ردع إسرائيل ودفعها لتقديم تنازلات لصالح لبنان وفلسطين والمسار السياسي؟ وهل انتصار إسرائيل الكامل سيجعلها في وضع لا تفكر في أي تسوية؟

والحقيقة أن التباين الذي جرى في مراحل سابقة بين من أيّدوا المسار السياسي والسلمي وبين من رفعوا رايات الكفاح المسلّح، لم يكن فقط على مستوى الخطاب السياسي والإعلامي، إنما كان بين مشاريع عملية جرت في الواقع، فرغم السجال الحاد الذي جرى بين الرئيس السادات وكثير من زعماء «الممانعة» العرب، وأيضاً في مواجهة خطاب الثورة الإيرانية الذي ظهر في عام التوقيع على معاهدة السلام (1979) نفسه، وحمل شعارات وتوجهات عكسية، قامت على رفض مسار التسوية السلمية ومواجهة إسرائيل وأميركا (الشيطان الأكبر)، فإن ذلك لم يَحُل دون وجود «بناء» على الأرض اسمه معاهدة السلام التي أعادت سيناء للسيادة المصرية، ولم يكن مجرد سجال في الهواء بين مشروعي التسوية السلمية والمقاومة المسلحة.

وقد تكرر الأمر نفسه في سياق مختلف مع اتفاق «أوسلو»، فالتحولات التي شهدتها منظمة التحرير كانت نتاج جدل وخلاف وصل إلى حد الصراع الداخلي بين فصائلها حول الاتفاق، وانتهى بأن قاد ياسر عرفات مسار التسوية السلمية وتم التوقيع على اتفاق «أوسلو» عام 1993، الذي فتح الباب «نظرياً» لتحويل مناطق الحكم الذاتي إلى دولة فلسطينية قبل أن تجهضها الحكومات الإسرائيلية بشكل ممنهج بنشر المستوطنات في الضفة الغربية.

وقد يكون مفارقة أن حركة «حماس» التي رفضت اتفاق «أوسلو» استفادت منه، وعادت إلى مناطق الحكم الذاتي وضاعفت من قوتها السياسية والعسكرية حتى سيطرت بالقوة على قطاع غزة في 2007، ثم دخلت بعد ذلك في مواجهتها المسلحة ضد إسرائيل حتى عملية 7 أكتوبر.

والواضح أن من ذهبوا إلى مسار «أوسلو» كما كامب ديفيد واختاروا الاعتدال والتسوية السلمية قدموا «شيئاً ملموساً» على الأرض لم يكن محل اتفاق داخل مصر وخارجها أو داخل منظمة التحرير وخارجها، ولكنهم فعلوا وقالوا هذا ما استطعنا أن نحصل عليه وسنرى ماذا سيفعل الرافضون والممانعون.

إن حل الدولتين هو الحل الذي أيّدته الشرعية الدولية ودعمه العرب والفلسطينيون، ومن عارضوه قالوا إنهم يقبلونه بشكل مرحلي كما فعلت «حماس» وفصائل أخرى، حتى لو تمسكوا باستعادة فلسطين التاريخية من البحر إلى النهر أو ببناء دولة علمانية واحدة يعيش عليها الجميع.

من هنا فإن مبادرة التحالف الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية تأتي في وقت لا يوجد فيه على الساحة «بديل سلمي» ولا حتى أفق للتسوية، وإن البدائل تتراوح بين استمرار القتال ووقف إطلاق النار في انتظار جولة جديدة من الحروب.

إذا نجحت هذه المبادرة في تأسيس تحالف دولي واسع يضم العالم كله من أوروبا إلى أميركا الجنوبية ومن جنوب أفريقيا إلى الدول العربية، فإنها ستملأ الفراغ الحالي في ساحة التسوية السلمية، وقد تكون فرصة لمواجهة ضعف الأداء العربي وترهل وهشاشة المؤسسات الدولية، وتقديم مسار سلمي متكامل وعادل يواجه ليس فقط الاحتلال، إنما أيضاً كل جوانب الخلل التي ظهرت في المنظومة الدولية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحالف إقامة الدولة الفلسطينية تحالف إقامة الدولة الفلسطينية



GMT 04:17 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (الجزء 1)

GMT 04:14 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الوفاء غائب ولغة التخوين والحقد حاضرة

GMT 04:09 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حين ينهار كلّ شيء في عالم الميليشيا

GMT 04:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

العُلا... لقطة من القرن الثامن

GMT 04:05 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الرفاق حائرون... خصوم ترمب العرب

GMT 03:58 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

التوسع والتعربد

GMT 03:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

أميركا دونالد ترمب

GMT 03:51 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إذا طاح الليل...

إلهام شاهين تتألق بإطلالة فرعونية مستوحاه من فستان الكاهنة "كاروماما"

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 04:49 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية
  مصر اليوم - القسام تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية

GMT 07:54 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F
  مصر اليوم - علاج جيني مبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 11:41 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025
  مصر اليوم - روجينا تكشف عن تفاصيل مسلسلها الجديد رمضان 2025

GMT 07:31 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هارفي ألتر يفوز بجائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء لعام 2020

GMT 06:50 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

سيارة"لكزس "LC ترفع شعار التصميم الجريء والسرعة

GMT 01:30 2021 الأربعاء ,24 آذار/ مارس

مرسيدس AMG تستعد لإطلاق الوحش جي تي 73 e

GMT 01:01 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على نور عبد السلام صاحبة صوت "لؤلؤ" الحقيقي

GMT 14:07 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"التعليم" المصرية ترد على هاشتاج «إلغاء الدراسة»

GMT 05:00 2020 السبت ,05 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يرفض انتقال محمد عواد إلى صفوف سيراميكا

GMT 02:05 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

دعوة شحاتة وأبو ريدة والخطيب و لحضور حفل التكريم

GMT 08:17 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كلوب يتهم رئيس رابطة الدوري الإنجليزي بالافتقار إلى القيادة

GMT 06:12 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عادات خاطئة تضر العين مع تقدم السن تعرّف عليها

GMT 20:29 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 11:27 2020 الإثنين ,06 تموز / يوليو

اقتصاد المغرب سينكمش 13.8% في الربع الثاني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon