بقلم : عمرو الشوبكي
تلقيت العديد من الرسائل تعليقًا على مقال «زيارة حمدوك»، بعضها اشتبك بشكل أساسى مع تقديرى الذى سبق أن عبرت عنه أكثر من مرة بأن طول الفترة الانتقالية يمثل مخاطرة كبرى على المسار السياسى السودانى، خاصة مع شطب المرحلة السابقة وبدء المرحلة الانتقالية منذ شهر أكتوبر الماضى. وقد اخترت إحدى هذه الرسائل، وهى للأستاذ ثروت قاسم، من السودان، وجاء فيها:
أشكرك على عمودك المقروء بعنوان (زيارة حمدوك)، ولدىَّ ملاحظة تتعلق بطول الفترة الانتقالية (39 شهرًا)، التى ذكرتها، والتى يُفترض أن تبدأ من أكتوبر 2020 تاريخ التوقيع على اتفاق جوبا للسلام، بدلًا من أغسطس 2019 تاريخ توقيع الوثيقة الدستورية. إن ظروف السودان الاستثنائية تتطلب ترسيخ السلام العادل والشامل أولًا، وثانيًا إعطاء فرصة للحركات المسلحة والأحزاب للاستعداد للتحول الديمقراطى وتجهيز نفسها للانتخابات، كما أن الجمعية التشريعية المعينة ستقوم بمهام البرلمان المنتخب خلال الفترة الانتقالية.
إن الحركات المسلحة التى كانت معارضة لنظام الإخوان البائد تحتاج لفترة انتقالية مناسبة (39 شهرًا) من أكتوبر 2020 لتجهيز نفسها لخوض الانتخابات، فقد كانت خارج السودان خلال معظم العقود الثلاثة الماضية. وتحتاج الأحزاب الجديدة كحزب المؤتمر السودانى لفترة انتقالية مناسبة للإعلان عن برامجها للشعب فى جو من الحريات التى كانت معدومة فى العهد السابق، ويمكن للأحزاب التقليدية كحزب الأمة الاستفادة أيضًا من هذه الفترة الانتقالية.
بعكس ما تقولون، ليس هناك أى (مخاطر) فى طول الفترة الانتقالية، بل إن طولها يبعد أى مخاطر، بالتوافق والتنسيق والتشاور بين المكونات العسكرية والمدنية، عبر مجلس شركاء الفترة الانتقالية، للحيلولة دون وقوع (المخاطر)، وحتى تكون السلطة التنفيذية محتكرة للمكون المدنى.
حسب الوثيقة الدستورية ووثيقة سلام جوبا، المجلس السيادى الانتقالى يمثل رمزًا للسيادة، وهو كملكة بريطانيا التى تملك ولا تحكم، فالسلطة التنفيذية مُحتكرة لمجلس الوزراء المدنى، (تقدير أختلف معه)، ولا مجال للاختلاف كما أشرتم حول: (صعوبة اتخاذ قرارات حاسمة، وستحتاج البلاد لمواءمات كثيرة حتى تستطيع أن تخرج قرارًا سياسيًا أو اقتصاديًا).
لم يسهب الرئيس حمدوك فى الحديث عن موضوع سد النهضة كما تساءلت لأنه أرسل رسائل إلى الاتحاد الإفريقى والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة وإدارة بايدن يطلب وساطتها فى حلحلة عقدة الملء الثانى لخزان سد النهضة أحاديًا بواسطة إثيوبيا. دعنا ننتظر إمكانية تكوين هذه الوساطة، وما تسفر عنه من توصيات ومدى التزام إثيوبيا بها.
تحفظ الرأى العام السودانى على طلب مصر من الاتحاد الإفريقى إرسال خارطة للقطر المصرى إلى كل الدول الإفريقية وبها مثلث حلايب داخل الحدود المصرية، فى الوقت الذى تدور فيه مشاحنات بين حكومتى إثيوبيا والسودان حول منطقة الفشقة الحدودية.
ستبقى أمام المرحلة الانتقالية السودانية تحديات كبيرة تحتاج إلى رؤى جديدة وتفاهمات داخلية وإقليمية، مازال الشعب السودانى قادرًا على إنجازها