توقيت القاهرة المحلي 00:03:20 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المقاطعة ليست فعلاً سياسياً

  مصر اليوم -

المقاطعة ليست فعلاً سياسياً

بقلم : عمرو الشوبكي

تعد قضية المشاركة فى المؤتمر الوطنى الأول للشباب (أبدع انطلق) أمراً بديهياً فى أى عملية سياسية، بصرف النظر عن درجة الاتفاق والاختلاف مع النظام القائم، وأن بيانات المقاطعة والرفض للمشاركة من قبل بعض الأطراف الشبابية (مع تراجع نسبى فى المزايدة على من شاركوا مقارنة بما كان يجرى فى الماضى)- عكست أزمة حقيقية ليس فقط فى طريقة التفكير إنما أيضا فى الإصرار على تكرار الفشل دون أى مراجعة لأسباب خسارة معسكر شباب الثورة لبعض المكاسب السياسية ولو المحدودة التى تحققت عقب ثورة يناير.

ولعل الخلل الرئيسى فى نظرية المقاطعة (شبيهة بنظرية المؤامرة) أنها تتصور أن بيانا سياسيا وحفلة على الفيس بوك سيحاصران النظام القائم وسيحرجانه، فى حين أن الواقع يقول إن إيصال رسالتك فى أى سياق يجب أن يكون الهدف، مثلما فعل بتلقائية سائق التوك توك أو السيدة «بنت البلد» أو على طريقة حمدين صباحى وعبدالمنعم أبو الفتوح فى حوارهما الشهير مع الرئيس السادات منذ 40 عاما هى كلها نوافذ وفرص لتقول ما لديك رغم فارق السياق بين العصرين وصعوبة الوضع الحالى، وأيضا ضعف الفرص المتاحة أمام الشباب المعارض للتعبير عن رأيه.

كل ذلك من حق بعض الشباب أن يقوله، لكن أن يتصور البعض أن الحوار تنازل والمشاركة مهادنة، فذلك يعكس فهماً كارثياً لمعنى الحوار، وهو أمر يجرى بشكل عادى مع الأعداء والخصوم والمنافسين، فالحوار لا يعنى التنازل ولا يعنى شيكاً على بياض إنما هو فعل محايد يقيم فيه المشاركون فى الحوار على ضوء ما يقولونه وما يقبلونه أو يرفضونه.

إن من يتصور أن المقاطعة هى فعل نضالى مخطئ، لأن المشاركة وانتزاع نافذة لتقول رأيك هى الفعل النضالى، والقول فى بيان رفض المشاركة أن «المقاطعة تمثل رد فعل تجاه سياسات وممارسات هذه السلطة»- يدل على أننا نعيش فى كوكب آخر، وأن تصور أن إصدار بيان هو رد فعل على سياسات النظام يمثل أزمة عميقة فى طريقة التفكير.

فالبيان هو الأسوأ منذ سنوات لأنه يتناسى الأوزان الحقيقية للتيارات المدنية ويهدر فرصة تقويتها وتتماهى فيه بعض الأحزاب الشرعية مع قوى احتجاجية ليست من أولوياتها العمل الحزبى المنظم وستظل توقع على كل البيانات حتى لو صارت مصر ديمقراطية.

صحيح أن البعض يرغب فى أن يكون جزءاً من شلة أو مجموعة لا تتجاوز أصابع اليدين فيخاطب نفس الرفاق ويرى نفس الوجوه، ولن يتمتع بنفس التأثير إذا تحولت الشلة لمشروع سياسى أو نقابى أو حزبى أو أهلى كبير، فهو يذكرنا بحراس المقر فى بعض أحزابنا (عنوان مقال نشر فى العقد الماضى عن قيادات بعض الأحزاب حرصوا على «تطفيش» كل حزبى له قاعدة اجتماعية فى نقابة أو دائرة انتخابية).

من يتصور أن النظام القائم هو فقط شخص الرئيس أو دائرة الحكم الضيقة مخطئ، لأنه أيضا حالة مجتمعية تضم قطاعات تنتقد أداء الرئيس والحكومة، ولكنها ليست على استعداد أن تسمع صوت الشباب وسيرتهم وتعتبر يناير مؤامرة والمعارضة والنقد خيانة. وإذا كانت أمريكا القوة العظمى أفرزت ترامب، وأوروبا تفرز كل يوم خطاباً مشابهاً، فعلينا أن نعذر (ولا نقول نقبل) ونتعامل بلا استعلاء مع جانب مما يقوله الناس فى مصر، ونوصل الصوت من خلال المشاركة لا المقاطعة.

مشاكل مصر لن تحلها بيانات المقاطعة (ولا المشاركة) إنما أن نحول فعلاً طبيعياً وعادياً جداً، أى المشاركة فى مؤتمر تنظمه الرئاسة، إلى قضية نضالية. هنا الأزمة الكبرى وربما الكارثة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المقاطعة ليست فعلاً سياسياً المقاطعة ليست فعلاً سياسياً



GMT 19:18 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

أمريكا والشرع.. ‎تناقض أم مصالح؟!

GMT 19:17 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

صلاح رقم 11 ومرموش 59!

GMT 06:50 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وإني لحُلوٌ تعتريني مرارةٌ

GMT 06:48 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

يتفقد أعلى القمم

GMT 06:45 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الهروب من سؤال المصير

GMT 06:43 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا و«تكويعة» أم كلثوم

GMT 06:41 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والنظام العربي المقبل

GMT 06:40 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon