بقلم - عمرو الشوبكي
ظلت المناظرة بين مرشحى الرئاسة الأمريكية جزءًا مهمًّا من تقاليد الديمقراطية الأمريكية، وبقيت المناظرة الثنائية بين المرشحين الأساسيين مهمة فى حسم تصويت قطاع مؤثر من الناخبين.
وقد شهدت الولايات المتحدة المناظرة الأولى بين بايدن وترامب، يوم الجمعة الماضى، (بتوقيتنا)، حيث نظمتها «شبكة سى إن إن» الإخبارية الشهيرة، وهى المرة الأولى فى التاريخ الأمريكى التى تجمع بين رئيس حالى وسابق.
وشهدت المناظرة تبادلًا للاتهامات بين المرشحين، تركزت على قضايا مثل الإجهاض، إدارة الاقتصاد، المهاجرين، بالإضافة إلى النزاعات فى أوكرانيا وغزة.
ورغم أن بايدن تقدم على ترامب فى استطلاعات الرأى طوال الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد إدانة الأخير قضائيًّا، فإن أداء ترامب كان أفضل قليلًا من بايدن فى هذه المناظرة.
وبدا الأمر غير متكرر فى تاريخ الانتخابات الأمريكية أن يكون عمر المرشحين كبيرًا لهذه الدرجة، فبايدن الذى تجاوز الثمانين من عمره، وترامب الذى اقترب منها، يُعتبران من أكبر المتنافسين فى تاريخ أمريكا.
وقد شاهد المناظرة 81% من الأمريكيين الذين ينوون التصويت، وبلغت مدتها تسعين دقيقة، واختلف فيها الرئيسان فى كل الملفات، وخاصة الملف الاقتصادى وملف الهجرة والسياسة الخارجية، ورد بايدن على ترامب بهجوم شخصى لم يبالغ فيه أو يزيفه حين قال له إنك مدان ولا تستحق أن تكون رئيسًا، ووصف أخلاق ترامب بأنها أشبه بـ«قط الزقاق»، ولم يتردد بايدن فى أن يقول له: «كم مليار دولار تدين بها كغرامات مدنية بسبب التحرش بامرأة فى الأماكن العامة، والقيام بمجموعة كاملة من الأشياء.. ممارسة الجنس مع نجمة إباحية فى الليل، بينما كانت زوجتك حاملًا؟». واكتفى ترامب فى رده بنفى هذه التهم.
أما بالنسبة لموضوع غزة فبدا بايدن متراجعًا عن «ريحة» الاقتراب من الموضوعية وانتقاد إسرائيل فى بعض تصريحاته السابقة، وأكد أن «الطرف الوحيد الذى يريد استمرار الحرب هو حماس»، وبعد أن اتهمه ترامب بأنه فلسطينى، لكنهم لا يحبونه، لأنه سيئ وضعيف.
وطالب ترامب بضرورة «ترك إسرائيل لتُكمل مهمتها فى غزة».
إن المواقف الخافتة التى اتخذها بايدن فى مواجهة العدوان الإسرائيلى وشحنة السلاح اليتيمة التى أوقفها لم تمنع ترامب من مهاجمته، وهو مفهوم، لكن الأمر اللافت أن بايدن أكد طوال المناظرة أنه متعاطف ويدعم إسرائيل بشكل كامل، وتكلم بشكل غير واضح عن الدولة الفلسطينية، وبدا متراجعًا عن قلة من تصريحاته التى أبدى فيها قدرًا من التوازن.
مناظرة أمس الأول مؤشر على قوة اللوبى الداعم لإسرائيل فى أمريكا وتأثيره الهائل إعلاميًّا وسياسيًّا وماليًّا، وهو ما دفع بايدن إلى التأكيد على أنه داعم لإسرائيل، ولكنه مختلف مع نتنياهو فى بعض التفاصيل، كما يفعل بعض مؤيدى إسرائيل، أما ترامب فلسان حاله يقول إنه مع إسرائيل ومع حكومتها الحالية، حتى لو قتلت كل الشعب الفلسطينى.