بقلم - عمرو الشوبكي
قررت محكمة العدل الدولية أمس الأول إلزام إسرائيل بضرورة وقف عملياتها المسلحة فى رفح وجاء فى نص القرار أنه «وفقا لمعاهدة منع الإبادة الجماعية فإن أى عمل إضافى فى رفح قد يؤدى إلى دمار جزئى أو كلى، وأن الهجوم البرى على رفح الذى بدأ فى 7 مايو الماضى يعد تطورا خطيرا يزيد معاناة السكان»، مشيرة إلى أن إسرائيل «لم تفعل ما يكفى لضمان سلامة وأمن النازحين»، وأن الظروف باتت تقتضى تغيير القرار الذى أصدرته المحكمة فى 28 مارس، والذى أمر تل أبيب بالامتثال لمعاهدة منع الإبادة الجماعية إلى مطالبتها بوقف إطلاق النار فى رفح، وأن «الشروط مستوفاة لاتخاذ إجراءات طارئة جديدة فى قضية اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية»، وحكمت على إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية وأى أعمال أخرى فى رفح.
ويلزم القرار أيضا إسرائيل بضمان وصول أى لجنة للتحقيق أو تقصى الحقائق بشأن تهمة الإبادة الجماعية، كما يلزمها بأن تقدم إلى المحكمة خلال شهر تقريرًا عن الخطوات التى ستتخذها. وأمرت المحكمة إسرائيل بضرورة الامتثال لمعاهدة منع الإبادة الجماعية التى وقعت عليها دون أن تعلم أنها ستتهم بانتهاكها، وطالبتها بالسماح بتدفق المساعدات إلى قطاع غزة من دون عراقيل، لكنها لم تصل إلى حد استخدام تعبير وقف الحرب، إنما اكتفت بتعبير وقف الأعمال العسكرية فى رفح، وهو قد يعنى عمليا وقف الحرب.
وجاء قرار المحكمة بموافقة 13 عضوا من أعضائها مقابل رفض عضوين فقط.
ورغم أن قرار المحكمة ملزم لإسرائيل ويفترض على أساسه أن توقف إطلاق النار، إلا أن الجميع فى تل أبيب من الحكومة إلى المعارضة تباروا فى رفض القرار، فنتنياهو وصف جنوب إفريقيا صاحبة الدعوى بأنها كاذبة وحججها تثير الاشمئزاز، أما وزير الأمن القومى «إيتمار بن غفير» فعبر بشكل صريح عن قناعات تيار واسع فى داخل النخب الإسرائيلية حين قال إن «مستقبلنا ليس منوطًا بما يقوله الأغيار، بل بما نفعله نحن اليهود». وإن الرد على قرار المحكمة يجب أن يكون هو «احتلال رفح وزيادة الضغط العسكرى على حماس».
قرار محكمة العدل الدولية الملزم سيعنى أنه سيذهب إلى مجلس الأمن لكى ينفذ القرار بضرورة وقف العمليات العسكرية، وهنا سيصطدم مرة أخرى «بفيتو أمريكا» التى من الواضح أنها لن تقبل الحكم ولن تسمح بصدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار.
لقد أصبحت إسرائيل دولة مارقة فوق القانون الدولى اعتادت ألا تحترم قرارات الشرعية الدولية، وأن استمرار هذا الوضع سيبعث رسالة للجميع بأن كل المسارات السلمية والقانونية لا فائدة منها لأنها لا تحترم ولا تنفذ، وهو أمر سيكون له تداعيات خطيرة على السلم والأمن الدوليين، وسيفقد كثيرا من الدول والأفراد الإيمان بجدوى القانون وشرعية المؤسسات الدولية.