توقيت القاهرة المحلي 06:00:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استعمار استثنائى

  مصر اليوم -

استعمار استثنائى

بقلم - عمرو الشوبكي

عرف العالم تجارب استعمارية كثيرة وعرفت الشعوب أيضًا تجارب تحرر وطنى عديدة اختلفت فى أساليبها من أجل الحرية والاستقلال، ولكن بالقطع لم يعرف العالم استعمارًا مثل الإسرائيلى سواء من حيث طبيعته أو خطابه السياسى.

يقينًا الخطاب الإسرائيلى الذى يقال داخل إسرائيل وخارجها لا يحرض فقط على الكراهية والعنصرية، إنما يعطى غطاء سياسيًا لجرائم الإبادة الجماعية وقتل المدنيين والأطفال بشكل متعمد، وإن الاستماع الدقيق لرموز منظومة الحكم والتطرف فى إسرائيل سيكتشف أننا أمام خطاب غير مسبوق فى تاريخ الدول الاستعمارية، التى كانت تحرص على تقديم «حجة ما» لتبرير الاحتلال، فقد كان هناك مبرر سياسى استراتيجى وراء احتلال دول استعمارية كبرى لدول أضعف.

فبريطانيا احتلت دولًا كثيرة منها مصر من أجل السيطرة على طرق ملاحة حيوية أو من أجل استغلال اقتصادى ولم تقل إنها جاءت لإبادة الشعب المصرى أو الهندى، وحتى الاستعمار الفرنسى الذى ارتكب جرائم مخزية فى الجزائر حين جاء مصر مع حملة نابليون حمل رسالة ثقافية مع جيوشه الاستعمارية وحاول أن يزرع نموذجًا ثقافيًّا تابعًا له، ثم حاول فى الجزائر أن يضم بلدًا عربيًا إسلاميًا إلى فرنسا بالقوة المسلحة.

أما الاستعمار الإسرائيلى فهو لا يرغب فى ضم الضفة أو قطاع غزة لإسرائيل، إنما هدفة هو قتل وتهجير شعبها، وهو نمط نادر فى تجارب الاحتلال التاريخية أن يكون الهدف هو إبادة شعب وليس حتى استغلال اقتصادى وسياسى.

وربما تكون آخر تجارب الاستعمار أو الاحتلال المعاصرة هى تجربة أمريكا فى أفغانستان، فقد احتلتها أمريكا بالقوة العسكرية، ولكنها أنفقت مليارات على هذا الاحتلال بهدف تأسيس نموذج سياسى جديد على المقاس الأمريكى، أى أنها استخدمت العصا والجزرة، فأنفقت أكثر من تريليون دولار على تأسيس جيش جديد وسلحته ودربته، وفى نفس الوقت بنت أشكالًا ديمقراطية ومؤسسات حديثة من الخارج، ولكنها من الداخل كان «يعشش» فيها الفساد وسوء الإدارة رغم مظهرها الحداثى.

٢٠ عامًا قضتها أمريكا فى أفغانستان تبنى نموذجًا بديلًا لطالبان، وفشلت لأنها كانت قوة احتلال وانسحبت وتركت السلطة لحركة طالبان التى حاربتها منذ ٢٠٠١.

أما الاستعمار الإسرائيلى فهو لم يحمل «جزرة» فى أى مرحلة فى تاريخه إنما عصا ملطخة بالدماء قامت على تعمد قتل المدنيين وتهجيرهم وتقديم نموذج لاستعمار غير مسبوق فى سوئه وتحريضه وعنصريته ويقوم على تفريغ كل الأراضى الفلسطينية من شعبها الأصلى.

إن الخطط الإسرائيلية فى قطاع غزة التى تقوم على استئصال شعبها وإبادته لن تنجح حتى لو ربحت معركة أو أكثر، لأنه لم يحدث فى تاريخ التجارب الاستعمارية الحديثة أو المعاصرة أن انتصرت قوة احتلال مهما كان عنفها وبطشها، وإن استثناء الاستعمار الإسرائيلى هو فى درجة السوء وليس مطلقًا أنه قادر على البقاء أو الانتصار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعمار استثنائى استعمار استثنائى



GMT 06:00 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

أيام رجب البنا!

GMT 05:58 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

أفتقدهم في رمضان

GMT 05:56 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

مزايا مصر النسبية!

GMT 05:53 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

نضحك مساءً ونلعنه صباحًا!

GMT 05:51 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

حق أصيل للناس

GMT 05:49 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

سوريا أمام المخاطر

GMT 05:47 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

هل سينقذ ترامب الغرب أم يدمره؟ (١- ٢)

GMT 05:45 2025 الثلاثاء ,11 آذار/ مارس

مقعده المعتاد في المقهى

الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:49 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف
  مصر اليوم - سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف

GMT 10:29 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

نيكول سابا تعلق على دورها في "وتقابل حبيب"
  مصر اليوم - نيكول سابا تعلق على دورها في وتقابل حبيب

GMT 01:34 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

دعاء اليوم الثامن من رمضان

GMT 09:10 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

GMT 19:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش

GMT 02:52 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

السعودية تعلن ارتفاع استثماراتها في مصر 500%

GMT 22:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

العثور على جثة مواطن مصري متعفن داخل شقته في الكويت

GMT 19:36 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اغتصاب وقتل طالبة إسرائيلية على يد مغني

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إيناس إسماعيل تُقدِّم طريقة بسيطة لتصميم ماكيت الكريسماس

GMT 06:31 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لتحضير محشي ورق العنب بلحم الغنم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon