توقيت القاهرة المحلي 02:19:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استعمار استثنائى

  مصر اليوم -

استعمار استثنائى

بقلم - عمرو الشوبكي

عرف العالم تجارب استعمارية كثيرة وعرفت الشعوب أيضًا تجارب تحرر وطنى عديدة اختلفت فى أساليبها من أجل الحرية والاستقلال، ولكن بالقطع لم يعرف العالم استعمارًا مثل الإسرائيلى سواء من حيث طبيعته أو خطابه السياسى.

يقينًا الخطاب الإسرائيلى الذى يقال داخل إسرائيل وخارجها لا يحرض فقط على الكراهية والعنصرية، إنما يعطى غطاء سياسيًا لجرائم الإبادة الجماعية وقتل المدنيين والأطفال بشكل متعمد، وإن الاستماع الدقيق لرموز منظومة الحكم والتطرف فى إسرائيل سيكتشف أننا أمام خطاب غير مسبوق فى تاريخ الدول الاستعمارية، التى كانت تحرص على تقديم «حجة ما» لتبرير الاحتلال، فقد كان هناك مبرر سياسى استراتيجى وراء احتلال دول استعمارية كبرى لدول أضعف.

فبريطانيا احتلت دولًا كثيرة منها مصر من أجل السيطرة على طرق ملاحة حيوية أو من أجل استغلال اقتصادى ولم تقل إنها جاءت لإبادة الشعب المصرى أو الهندى، وحتى الاستعمار الفرنسى الذى ارتكب جرائم مخزية فى الجزائر حين جاء مصر مع حملة نابليون حمل رسالة ثقافية مع جيوشه الاستعمارية وحاول أن يزرع نموذجًا ثقافيًّا تابعًا له، ثم حاول فى الجزائر أن يضم بلدًا عربيًا إسلاميًا إلى فرنسا بالقوة المسلحة.

أما الاستعمار الإسرائيلى فهو لا يرغب فى ضم الضفة أو قطاع غزة لإسرائيل، إنما هدفة هو قتل وتهجير شعبها، وهو نمط نادر فى تجارب الاحتلال التاريخية أن يكون الهدف هو إبادة شعب وليس حتى استغلال اقتصادى وسياسى.

وربما تكون آخر تجارب الاستعمار أو الاحتلال المعاصرة هى تجربة أمريكا فى أفغانستان، فقد احتلتها أمريكا بالقوة العسكرية، ولكنها أنفقت مليارات على هذا الاحتلال بهدف تأسيس نموذج سياسى جديد على المقاس الأمريكى، أى أنها استخدمت العصا والجزرة، فأنفقت أكثر من تريليون دولار على تأسيس جيش جديد وسلحته ودربته، وفى نفس الوقت بنت أشكالًا ديمقراطية ومؤسسات حديثة من الخارج، ولكنها من الداخل كان «يعشش» فيها الفساد وسوء الإدارة رغم مظهرها الحداثى.

٢٠ عامًا قضتها أمريكا فى أفغانستان تبنى نموذجًا بديلًا لطالبان، وفشلت لأنها كانت قوة احتلال وانسحبت وتركت السلطة لحركة طالبان التى حاربتها منذ ٢٠٠١.

أما الاستعمار الإسرائيلى فهو لم يحمل «جزرة» فى أى مرحلة فى تاريخه إنما عصا ملطخة بالدماء قامت على تعمد قتل المدنيين وتهجيرهم وتقديم نموذج لاستعمار غير مسبوق فى سوئه وتحريضه وعنصريته ويقوم على تفريغ كل الأراضى الفلسطينية من شعبها الأصلى.

إن الخطط الإسرائيلية فى قطاع غزة التى تقوم على استئصال شعبها وإبادته لن تنجح حتى لو ربحت معركة أو أكثر، لأنه لم يحدث فى تاريخ التجارب الاستعمارية الحديثة أو المعاصرة أن انتصرت قوة احتلال مهما كان عنفها وبطشها، وإن استثناء الاستعمار الإسرائيلى هو فى درجة السوء وليس مطلقًا أنه قادر على البقاء أو الانتصار.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استعمار استثنائى استعمار استثنائى



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 02:01 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد
  مصر اليوم - إدانة الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي في قضية فساد

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 00:27 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

ميناء دمياط يستقبل 8 سفن للحاويات والبضائع العامة

GMT 02:36 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

بريطانيا تحذر من موجة ثالثة لكورونا

GMT 09:11 2020 الإثنين ,21 أيلول / سبتمبر

20 مؤشرًا لصناعة الغاز الطبيعي خلال عام

GMT 03:30 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

موريتانيا تسجل 171 إصابة جديدة بفيروس كورونا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon