توقيت القاهرة المحلي 19:59:08 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا بتخاف ولا تختشى

  مصر اليوم -

لا بتخاف ولا تختشى

بقلم : عمرو الشوبكي

تعقيبًا على مقال الأسبوع الماضى «سلوك مواطن» تلقيت هذا التعليق المتميز من الأستاذ أحمد لطفى أحمد لطفى، كبير معلمى فيزياء الطيران، ومستشار الشركة البريطانية للطائرات العسكرية لشؤون التدريب الفنى- سابقًا- جاء فيه: إن «الإنسان ابن نظامه»، يتأثّر بالنظامِ الاجتماعى والسياسى السائدِ فى بلده بحيثُ يصبح ابنًا «بـارًا» أو عاقًا له أو مُتمردًا عليه؟ ولكن كيف؟

الناس يا سيدى فى هذا العالم صنفان، الأولُ أكثرُ تحضرًا وتمدنا حتى إن مُجرد التفكير فى الغِشِّ أو المخالفة أمرٌ لا يَرِدُ فى الذهِن، هؤلاء نَصِفُهم بأنهم «ناس بتختشى»، أما الصنفُ الثانى فهو أقل من السابقِ فى التحضُّرِ، ولا مانع حقيقيًا لديه أو وازع قويًا عنده من أن يُقْدِم على الغِشِّ والخداعِ ويتخذ من الفهلوة سُلوكًا ومِنهجًا ويعتادُ المخالفة، إلا أن القانونَ الصارِمَ الرادِعَ يمنَعه من التعدِّى على الآخرين أو انتهاكِ حقوقِهم والتدليس عليهم، ابتداءً بالغِشِّ فى البيعِ والشراءِ، وليس انتهاءً بالغِشِّ فى الامتحاناتِ، فنقول عن هؤلاءِ «ناس بتخاف».

فى الدول التى نعتبِرُها الأكثر تحضُّرًا ونُطلِقُ عليها متقدمة، تهتمُ الأنظمةُ هناك بـ«زراعة الإنسان»- إن جاز التعبير- فتغرِسُ بُذورًا سليمة وجيدة فى تُربة المجتمع وترعاها بالتهذيبِ، أى التعليمُ والتثقيفُ ونشر الوعى، فتنمو وتُنْبِتُ مواطنين صالحين وجيدين وشُرفاء، ثم يتولى النظام إكمالَ العناية بها فينتِجَ منها «شتلات» جديدة تُثْمِرُ أجيالًا أخرى تحمل جيناتِ الأجيالِ الأولى وتورِثُها وهكذا، ومن هذه الأجيال القويّة العفيّة تتكون طبقاتُ المجتمع من القمةِ إلى القاعِ.

النتيجةُ المُؤكدةُ هنا أن مجتمعاتِ رَبَتّ أبناءَها على هذا النحوِ لابُد وأن تجِد لمواطنيها «كودًا أخلاقيًا» يُبعدُهم عن مُجردِ التفكيرِ فى غِشِّ الآخرين أو ارتكابِ أى مخالفةٍ مهما صغُرت، فاعتناءُ النظام بتربيةِ مواطنيه لا يختلف عن اعتناءِ الأبِ بتربية أولاده، فالشعوبُ تُربى كالأبناءِ لا فرق.

طبعًا لا يعنى ذلك أن البشرَ هناك ملائكةٌ، لكن القانون رادِعٌ ويُطبقُ بصَرامة على الغشاشين والمُخالفين والمجرمين، ولكن يبقى القانونُ الشخصى أو«الكود الأخلاقى» سابقًا دائمًا على القانونِ الوضعى، ولهذا قلنا عنهم «ناس بتختشى».

أما الناسُ الآخرون، الأقلُّ تقدمًا وتحضرًا فإن الأنظمةَ فى بُلدانِهم لم تعتنِ بتنشئتِهم بل قُل لم تُربِّهم من الأساس، ربما لانشغالها بأمورٍ تراها أكثر أهمية، فأنبتتْ زرعًا مختلفًا ألوانه وأشكاله، عُودُه واهِنٌ، وطعمُه كريِهٌ، فنشأت أجيالٌ مُخفِقةٌ أخلاقيًا، هشةٌ دينيًا، جاهلةٌ ثقافيًا وباهتةٌ فكريًا.

بيئةٌ كتلك ستُفرِزُ مواطنين بلا «كود أخلاقى» هنا يكونُ القانونُ الوضعى هو السَابِق، هذا إن تم تطبيقه، ولهذا نقولُ عن هؤلاءِ إنهم «ناس بتخاف».

ولأن القانونَ ليس حاضِرًا فى مجتمعاتنا بقوة، وإنما هو زائرٌ موسِمى عابر، لا يأتى إلا «بدعوةٍ خاصة»، فأصبح كثير منا ليس لهم «كود أخلاقى» يحميهم ذاتيًا، ولا قانونٌ وضعى يردَعُهم، يعنى: «ناس لا بتخاف ولا بتختشى»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا بتخاف ولا تختشى لا بتخاف ولا تختشى



GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 08:18 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 08:15 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:23 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء
  مصر اليوم - 5 مدن ساحلية في إيطاليا لمحبي الهدوء والإسترخاء

GMT 10:15 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي
  مصر اليوم - أفكار لتزيين واجهة المنزل المودرن والكلاسيكي

GMT 07:24 2024 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب
  مصر اليوم - دراسة توضح علاقة القهوة بأمراض القلب

GMT 15:48 2024 الجمعة ,20 أيلول / سبتمبر

نبيلة عبيد تكشف سبب غيابها الفني
  مصر اليوم - نبيلة عبيد تكشف سبب غيابها الفني

GMT 10:24 2024 الإثنين ,09 أيلول / سبتمبر

عمرو دياب يحيي حفل زفاف مايا رعيدي في أثينا

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 08:27 2024 الثلاثاء ,17 أيلول / سبتمبر

عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن

GMT 01:25 2019 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

أمطار على محافظة الطائف فى السعودية

GMT 07:04 2021 الجمعة ,14 أيار / مايو

الزمالك يبحث تأمين الصدارة على حساب إنبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon