توقيت القاهرة المحلي 20:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا بتخاف ولا تختشى

  مصر اليوم -

لا بتخاف ولا تختشى

بقلم : عمرو الشوبكي

تعقيبًا على مقال الأسبوع الماضى «سلوك مواطن» تلقيت هذا التعليق المتميز من الأستاذ أحمد لطفى أحمد لطفى، كبير معلمى فيزياء الطيران، ومستشار الشركة البريطانية للطائرات العسكرية لشؤون التدريب الفنى- سابقًا- جاء فيه: إن «الإنسان ابن نظامه»، يتأثّر بالنظامِ الاجتماعى والسياسى السائدِ فى بلده بحيثُ يصبح ابنًا «بـارًا» أو عاقًا له أو مُتمردًا عليه؟ ولكن كيف؟

الناس يا سيدى فى هذا العالم صنفان، الأولُ أكثرُ تحضرًا وتمدنا حتى إن مُجرد التفكير فى الغِشِّ أو المخالفة أمرٌ لا يَرِدُ فى الذهِن، هؤلاء نَصِفُهم بأنهم «ناس بتختشى»، أما الصنفُ الثانى فهو أقل من السابقِ فى التحضُّرِ، ولا مانع حقيقيًا لديه أو وازع قويًا عنده من أن يُقْدِم على الغِشِّ والخداعِ ويتخذ من الفهلوة سُلوكًا ومِنهجًا ويعتادُ المخالفة، إلا أن القانونَ الصارِمَ الرادِعَ يمنَعه من التعدِّى على الآخرين أو انتهاكِ حقوقِهم والتدليس عليهم، ابتداءً بالغِشِّ فى البيعِ والشراءِ، وليس انتهاءً بالغِشِّ فى الامتحاناتِ، فنقول عن هؤلاءِ «ناس بتخاف».

فى الدول التى نعتبِرُها الأكثر تحضُّرًا ونُطلِقُ عليها متقدمة، تهتمُ الأنظمةُ هناك بـ«زراعة الإنسان»- إن جاز التعبير- فتغرِسُ بُذورًا سليمة وجيدة فى تُربة المجتمع وترعاها بالتهذيبِ، أى التعليمُ والتثقيفُ ونشر الوعى، فتنمو وتُنْبِتُ مواطنين صالحين وجيدين وشُرفاء، ثم يتولى النظام إكمالَ العناية بها فينتِجَ منها «شتلات» جديدة تُثْمِرُ أجيالًا أخرى تحمل جيناتِ الأجيالِ الأولى وتورِثُها وهكذا، ومن هذه الأجيال القويّة العفيّة تتكون طبقاتُ المجتمع من القمةِ إلى القاعِ.

النتيجةُ المُؤكدةُ هنا أن مجتمعاتِ رَبَتّ أبناءَها على هذا النحوِ لابُد وأن تجِد لمواطنيها «كودًا أخلاقيًا» يُبعدُهم عن مُجردِ التفكيرِ فى غِشِّ الآخرين أو ارتكابِ أى مخالفةٍ مهما صغُرت، فاعتناءُ النظام بتربيةِ مواطنيه لا يختلف عن اعتناءِ الأبِ بتربية أولاده، فالشعوبُ تُربى كالأبناءِ لا فرق.

طبعًا لا يعنى ذلك أن البشرَ هناك ملائكةٌ، لكن القانون رادِعٌ ويُطبقُ بصَرامة على الغشاشين والمُخالفين والمجرمين، ولكن يبقى القانونُ الشخصى أو«الكود الأخلاقى» سابقًا دائمًا على القانونِ الوضعى، ولهذا قلنا عنهم «ناس بتختشى».

أما الناسُ الآخرون، الأقلُّ تقدمًا وتحضرًا فإن الأنظمةَ فى بُلدانِهم لم تعتنِ بتنشئتِهم بل قُل لم تُربِّهم من الأساس، ربما لانشغالها بأمورٍ تراها أكثر أهمية، فأنبتتْ زرعًا مختلفًا ألوانه وأشكاله، عُودُه واهِنٌ، وطعمُه كريِهٌ، فنشأت أجيالٌ مُخفِقةٌ أخلاقيًا، هشةٌ دينيًا، جاهلةٌ ثقافيًا وباهتةٌ فكريًا.

بيئةٌ كتلك ستُفرِزُ مواطنين بلا «كود أخلاقى» هنا يكونُ القانونُ الوضعى هو السَابِق، هذا إن تم تطبيقه، ولهذا نقولُ عن هؤلاءِ إنهم «ناس بتخاف».

ولأن القانونَ ليس حاضِرًا فى مجتمعاتنا بقوة، وإنما هو زائرٌ موسِمى عابر، لا يأتى إلا «بدعوةٍ خاصة»، فأصبح كثير منا ليس لهم «كود أخلاقى» يحميهم ذاتيًا، ولا قانونٌ وضعى يردَعُهم، يعنى: «ناس لا بتخاف ولا بتختشى»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا بتخاف ولا تختشى لا بتخاف ولا تختشى



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 08:21 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 19:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا
  مصر اليوم - الدبيبة يكشف عن مخاوفة من نقل الصراع الدولي إلى ليبيا

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 15:01 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد
  مصر اليوم - ابنة أصالة نصري تتحدث عن معاناة عائلتها في ظل حكم الأسد

GMT 01:54 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أغنياء المدينة ومدارس الفقراء

GMT 13:12 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

أوميغا 3 يساهم في إبطاء نمو سرطان البروستاتا لدى الرجال

GMT 00:28 2024 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تارا عماد تكتشف سرًا يربطها بوالدتها

GMT 18:55 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

المصري يبدأ توزع دعوات مباراة بطل سيشل

GMT 06:45 2020 السبت ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

مشاجرة بين مروان محسن ورضا عبد العال بسبب "الأهداف"

GMT 06:45 2020 الأحد ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مدرب "الهلال" السعودي بين مطرقة "كورونا" وسندان "الديربي"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon