توقيت القاهرة المحلي 11:54:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أيام مغربية 2-3

  مصر اليوم -

أيام مغربية 23

عمرو الشوبكي

يذكرنى المغرب بما كتبته منذ حوالى 8 سنوات عن النموذج البريطانى حين وصفته بـ«بريق الهدوء»، فهو نموذج سياسى وحضارى مستقر، والملكية فيه ضاربة فى جذور التاريخ منذ قرون طويلة، وعرفت تراكما تاريخيا جعل البلد نموذجا للاستقرار فى المنطقة، لا تتوقع منه تغييرات فجائية أو ثورية، إنما هو دائما يُحدث تغييرات إصلاحية.

وقد بدأ المغرب فى إحداث إصلاحات حقيقية فى عهد الملك الحالى، محمد السادس، بتأسيس هيئة الإنصاف والمصالحة، فى 7 يناير 2004، كأداة فعالة للبحث عن الحقيقة فى ملفات انتهاكات حقوق الإنسان وإنصاف الضحايا من خلال «جبر الضرر» ورد الاعتبار لهم. واعتبرت الدولة المغربية هذه الهيئة جهازا ذا اختصاصات غير قضائية فى مجال تسوية ملفات ماضى الانتهاكات لحقوق الإنسان، بحيث تقتصر مهمتها على البحث عن الحقيقة وتقييم الضرر.

وأعطت الحكومة المغربية الحق للهيئة لعمل جلسات استماع فى مختلف مدن المملكة، وأعطت فرصة للأشخاص ضحايا الانتهاكات للتعبير بصفة شخصية ومباشرة على شاشة التليفزيون عما تعرضوا له من تنكيل وتعذيب وإهدار للكرامة وما تعرض له ذووهم من أضرار جسيمة مادية ومعنوية.

والحقيقة أن تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة جاء فى عهد الملك الجديد، محمد السادس، نجل الملك السابق، الحسن الثانى، الذى ارتُكب فى عهده كثير من الانتهاكات، وهو يعنى قدرة النظام السياسى المغربى على إصلاح نفسه من داخله، ولو جزئيا، وبناء نموذج سياسى قابل للتطور.

والمفارقة أن المغرب الملكى المحافظ شكل هيئة الإنصاف والمصالحة، فى حين أن مصر الجمهورية التى شهدت ثورتين فى 5 أعوام لم تفتح ملف الماضى، ولو بمنطق جبر الضرر، فى مفارقة تبدو لافتة.

وتكررت فكرة المراجعة والإصلاح من داخل النظام، بعد تجارب الثورات العربية، فأقدم المغرب على وضع دستور جديد للبلاد، واستبق ما جرى بإصلاحات، ولو محسوبة من داخله، وأعطى مزيدا من الصلاحيات للبرلمان فى تشكيل الحكومة مقارنة بصلاحيات الملك السابقة، بل إن المفارقة أن انقسامات الأحزاب وخلافتها فيما بينها جعلت بعضها يطالب بتقليص الصلاحيات المعطاة للبرلمان فى اختيار الحكومة، خوفا من أن يسيطر حزب أو تيار منافس على البرلمان، فاختاروا إعطاء صلاحيات للملك، كان على استعداد للتنازل عنها، وفق المثل العربى: «مَلَكى أكثر من الملك».

يقينا المغرب بلد به مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة، وبه فقر وتفاوت طبقى، ويتشابه مع مصر فى ظروفه الاقتصادية، ولكن مع فارق رئيسى أنه تغير وتقدم للأمام فى السنوات العشر الأخيرة وبصورة ملحوظة، فأنفق على التعليم 6% من ناتجه القومى (مازلنا نحاول أن نصل إلى 4% وفق النص الدستورى)، كما تحول إلى بلد جاذب للاستثمار والصناعات المتوسطة والسياحة بصورة أكبر بكثير من مصر.

قد تكون إمكانيات مصر الكامنة أكبر من المغرب، وهو أمر بالمناسبة يسعد معظم المغاربة، فهو شعب لديه ثقة فى نفسه وفى تاريخه وليس لديه أى عقد فى التعامل مع مصر، كما أن وجود السلطة الملكية أو الوسيط المدنى، ولو فى صورته الملكية بين أجهزة الدولة وبين الشعب، جعل المغرب يقفز خطوات كبيرة للأمام، ويقدم نموذجا تتعايش فيه التيارات السياسية بصورة أكبر من أى بلد عربى آخر.. وهذا سيكون حديثنا الأخير غدا إن شاء الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أيام مغربية 23 أيام مغربية 23



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:59 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه
  مصر اليوم - إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon