بقلم : عمرو الشوبكي
ستظل حوادث السيارات أو القطارات فى مصر من بين الأعلى فى العالم، والسؤال المطروح: كيف يمكن أن نواجه ظاهرة باتت تحصد أرواح آلاف المصريين كل عام، ودون أى تغيير يذكر؟
اللافت أن التقرير الأخير الذى أصدره الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء العام الماضى، أشار إلى إن حوادث الطرق ارتفعت خلال العام 2019 بنسبة 17.8% لتبلغ 9992 حادثة مقابل 8480 فى 2018، وأشار أيضا إلى أن السبب الرئيسى لحوادث السيارات كان العنصر البشرى بنسبه بلغت 79.7% ويليه بنسبه 13.5% عيوب فنية فى المركبة من إجمالى أسباب الحوادث. أما بالنسبة للقطارات فقد انخفضت معدلات الحوادث بنسبه طفيفة قدرت بحوالى 8.9% حيث بلغت 1863 حادثة مقابل 2044 حادثة فى العام السابق.
وجاءت حادثة قطار الصعيد لتفتح جروح حوادث القطارات ونظام السلامة والأمان على قضبان السكك الحديدية وتطرح أسئلة حول كيفية تدريب العنصر البشرى وعدم تطبيق نظام الكوابح المميكنة والتى كانت أحد أسباب حادث الصعيد، وسقوط عشرات الضحايا بين شهيد وجريح.
وإذا كان مفهوما أن هناك أمورا تتعلق بتطوير منظومة السكة الحديد تحتاج إلى مزيد من الوقت مثل مستوى النظافة والخدمة ودقة المواعيد، إلا أن هناك أمورا لا يجب الانتظار فيها للحظة واحدة وهى المتعلقة بنظام الأمن والسلامة المتعلقة بأرواح الناس، سواء الخاصة بالمزلقانات (وهو ما تحسن بدرجة كبيرة) أو أجهزة الإنذار والمكابح التى توقف القطار بشكل تلقائى قبل اصطدامه بآخر ودون أن تعتمد على تقدير السائق.
والمؤكد أن وزير النقل مسؤول عن قراره أو توجيهه كما قال «لبعض السائقين بعدم استخدام تقنية ATC لتسببها فى تأخير القطارات» ويقينا تأخير القطارات نقيصة ولكنها لا تقارن بسقوط ضحايا أبرياء.
علينا أن نبدأ فى تطوير جذرى لمنظومة السكك الحديد تضع الحفاظ على أرواح الناس نصب أعينها، وتعتبر المسؤولية السياسية والأخلاقية لأى وزير عن المرفق الذى يديره من البديهيات واستقالته فى حال القرار الخاطئ من المسلمات.
أما حوادث الطرق فإشكاليتها ليست فى الطرق أو فى العربات كما هو الحال فى السكك الحديد، إنما فى تطبيق القانون عن المخالفين بطريقة تردع الآخرين عن تكرار المخالفة.
ورغم وجود رصف حريرى لكثير من طرقنا السريعة، فإن الأمر لم يحل دون تزايد حالات التسيب ورعونة القيادة، والسرعة الجنونية، وسير «التوكتوك» على الطرق السريعة، ومشاهده سيارات تسير فى حارة أقصى اليسار بسرعة 60 كيلومترا بدون إضاءة خلفية، ونرى «ميكروباص» يسير على الطريق السريع عكس الاتجاه وكأنه أمر عادى.
إذا لم تعرف الدولة أن مشاكل السيارات والسكك الحديدية فى جوهرها مشاكل تتعلق بمنظومة الإدارة وترتيب أولوياتها بشكل صحيح، وتطبيق القانون بشكل شفاف على الجميع، فإن ذلك سيعنى استمرار نزيف الأسفلت والقضبان إلى ما لا نهاية.