بقلم: عمرو الشوبكي
رغم التغيير الذي حملته نتائج الانتخابات البرلمانية اللبنانية إلا أنها لا تعنى حدوث تغيير جذرى في المشهد السياسى الحالى، في بلد لا تحسم قضاياه الأساسية من خلال انتخابات البرلمان أو الرئاسة، إنما توازنات طائفية وإقليمية ودولية ما زالت مسيطرة حتى اللحظة.
واللافت هو تراجع تمثيل حزب الله وحلفائه في هذه الانتخابات إلى 62 مقعدا من أصل 128 بعد أن حصلوا في انتخابات 2018 على 71 مقعدا، كما حصلت «القوى التغييرية» المنبثقة من الحراك الشعبى الذي شهدته البلاد في 2020 وواجهة حزب الله والمنظومة الطائفية بقوة، على 13 مقعدا، منها 12 تمثل وجوها جديدة تماما، في حين حصلت القوى المناهضة لحزب الله وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية (19 مقعدا) وأحزاب وتيارات سنية ودرزية على باقى المقاعد.
ومع ذلك فقد استمر احتكار حزبى الله وحركة أمل لتمثيل الطائفة الشيعية، فقد حصلا على كل المقاعد المخصصة لهما (27 مقعدا)، وهو أمر لا يحدث مع باقى الطوائف في لبنان التي تعرف انقساما واضحا، ويمثل كل منها أكثر من حزب وفريق سياسى يختلف عن الآخر.
للأسف الشديد احتكار تنظيمات دينية/ سياسية للتمثيل الشيعى في لبنان خطر كبير، خاصة أن هناك عمليات ترهيب لكثير من أبناء الطائفة الشيعية لإجبارهم على عدم الخروج من «بيت الطاعة» الذي يمثله حزب الله وحركة أمل، ويتعرض كل من يحاول أن يستقل عنهما أو يترشح في مواجهتهما لمخاطر كبيرة.
تغيير المعادلة السياسية في لبنان وقضية احتكار حزبين للتمثيل الشيعى لن يتم إلا بالعمل على عدم اختزال مشاكل لبنان في حزب الله وإعفاء باقى أمراء الحرب والطوائف من مسؤولية ما يجرى، فالحزب لعب دورا رئيسيا في تحرير الجنوب اللبنانى من الاحتلال الإسرائيلى عام 2000 ولا يزال يمثل قوة ردع لإسرائيل تجعلها تفكر أكثر من مرة قبل استباحة لبنان، إلا أن قوته العسكرية لا يجب أن تكون عنصر هيمنة على المعادلة السياسية اللبنانية الهشة.
نتائج انتخابات لبنان تحمل كثيرا من الرسائل التي أتمنى أن يفهمها حزب الله وحلفاؤه، فمن غير المنطقى أن يخرج آلاف اللبنانيين ضد الطبقة السياسية الحكامة كلها، ويطالب حزب الله باستثناء نفسه منها لأنه كان منذ ما يقرب من ربع قرن حزبا مقاوما، فقد شارك في السلطة وأوصل حليفا له لرئاسة الجمهورية، وشارك في وزارات، وما ينطبق عليه ينطبق على الآخرين.
إذا أسفرت الانتخابات اللبنانية عن رئيس جديد للبرلمان بدلا من الحالى (نبيه برى) الذي يرأسه منذ 30 عاما، وعن رئيس جمهورية جديد من تيار مختلف عن الرئيس الحالى، وعن رئيس حكومة جديد من خارج القوى السنية التقليدية، فإن هذا يعنى أن لبنان تقدم خطوة للأمام نحو تفكيك جانب من المعادلة الطائفية الحالية.