توقيت القاهرة المحلي 21:47:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سؤال التنوير

  مصر اليوم -

سؤال التنوير

بقلم -عمرو الشوبكي

حين يتحدث البعض عن التنوير، فإنه لا يرى إلا إصلاح الخطاب الدينى، ويتجاهل إصلاح الخطاب السياسى والثقافى والتعليمى، فى حين أن نجاح الإصلاح الدينى وتبنى تفسيرات مستنيرة للنصوص الدينية يحتاج بالأساس إلى واقع مجتمعى يقبله، وهو لن يتم إلا بوجود سياق سياسى وتعليمى وإعلامى يُعلى من قيمة العقل والثقافة ويُعمّق من النقاش العام العقلانى.

والمؤكد أن أوروبا لم تبنِ نهضتها وعصر تنويرها بالاكتفاء بإصلاح الخطاب الدينى ورفض هيمنة الكنيسة على المجال السياسى، وإنما أيضًا أو أساسًا بإصلاحات سياسية بَنَت دولة مدنية حديثة فصلت فيها الدينى عن الزمنى، وجعلت الإيمان الدينى قضية شخصية بين الإنسان وربه، والكنيسة مكانًا آمنًا للعبادة لها أدوار ثقافية ورمزية، واختفت هيمنتها السياسية على النظم القائمة عقب استقرار الدولة المدنية الحديثة.

هل كان يمكن أن يتراجع دور الكنيسة المهيمن على عقول الناس ويتوقف عن إعطاء الشرعية لنظم استبدادية قائمة إلا بعد أن تأسست دولة قانون وقضاء عادل ومستقل سحب السلطة من رجال الدين الذين ظلوا يهيمنون على المجال العام لقرون طويلة ويحددون للسلطة والمجتمع قواعد النظام القائم؟

المعروف أن فى العالم العربى لا توجد سلطة دينية تحكم، إنما توجد سلطة سياسية توظف فى كثير من الأحيان السلطة الدينية والخطاب الدينى لإضفاء الشرعية على توجهاتها، بما يعنى أن قصر قضية التنوير على مواجهة الخطاب الدينى الذى لا يحكم حتى لو كان مؤثرًا، والابتعاد عن الخطاب السياسى الذى يحكم، والإعلامى والثقافى والتعليمى الذى يؤثر، يحول قضية التنوير إلى مجرد ثرثرة لا تؤثر فى المجتمع، ولا تنجز الإصلاح المطلوب الذى يستلزم إصلاحًا شاملًا يخص المؤسسات الدينية والخطاب الدينى والمؤسسات السياسية والتعليمية والثقافية على السواء.

والحقيقة أنه لا يمكن القول إن المسؤول عن تردى السلوكيات ومستوى التعليم والثقافة هو المؤسسات الدينية أو الأزهر، وتجاهل دور باقى مؤسسات الدولة، فعلى سبيل المثال سنجد أن الأزهر أجرى جانبًا من هذه الإصلاحات المطلوبة، ومع ذلك مازالت هناك أزمة فى توعية الناس، حتى بدا المجتمع فى كثير من القضايا أكثر تشددًا وانغلاقًا من الأزهر الشريف، واتضح ذلك فى قضية التحرش التى جرّمها الأزهر بصرف النظر عن زى المرأة، فى حين لايزال قطاع من المجتمع يُرجع التحرش إلى زِيّها، وأن عدم حجابها يعنى ضمنًا أو صراحة تبرير التحرش، وهو ما يشير إلى أننا أمام قضية تتعلق بتوعية المجتمع، والتى تتحملها أساسًا أدوات الحكم ومؤسساته الزمنية أكثر من المؤسسة الدينية.

إصلاح الخطاب الدينى مطلوب، ولكن علينا ألا نتصور أن الخطاب الدينى موجود فى جزيرة منعزلة عن باقى مكونات المجتمع، وأن إصلاحه بمفرده لن يحول البلد إلى واحة من العقلانية والاستنارة، إنما المطلوب هو الإصلاح الشامل سياسيًا وثقافيًا ودينيًا.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سؤال التنوير سؤال التنوير



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 20:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فصائل عراقية تتبنى هجوماً بطائرات مسيّرة على جنوب إسرائيل
  مصر اليوم - فصائل عراقية تتبنى هجوماً بطائرات مسيّرة على جنوب إسرائيل

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 21:17 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النائبة الديمقراطية إلهان عمر تحذر من عودة ترامب للبيت الأبيض
  مصر اليوم - النائبة الديمقراطية إلهان عمر تحذر من عودة ترامب للبيت الأبيض

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 07:27 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 01:41 2024 السبت ,19 تشرين الأول / أكتوبر

دار الأوبرا في سيدني تتألق ترحيبا بالملك تشارلز

GMT 09:41 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 08:19 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 05:45 2022 الأحد ,11 أيلول / سبتمبر

الأهلي يواجه سبورتنج في سوبر اليد الليلة

GMT 10:33 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

أفضل 10 فنادق عائلية في جزر المالديف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon