توقيت القاهرة المحلي 06:00:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكيل بمكيالين

  مصر اليوم -

الكيل بمكيالين

بقلم - عمرو الشوبكي

لم تكشف حرب غزة فقط عن المعايير المزدوجة فى تعامل القوى الكبرى مع إسرائيل وفلسطين، وعن التمييز بين المدنيين فى الدولة العبرية ونظرائهم فى فلسطين، إنما أيضًا عن تمييز آخر بين جماعات التشدد، من القاعدة، مرورًا بطالبان، وحتى حركة حماس، وفق حسابات مصلحية لا علاقة لها بالمواقف المبدئية التى يتم على أساسها تقييم هذه الجماعات.

والحقيقة أن الولايات المتحدة وضعت «أسوة غير حسنة» فى التمييز بين حركة طالبان وحركة حماس، فى مفارقة صارخة، فالأولى، التى شاركت القاعدة فى اعتداءات 11 سبتمبر الإرهابية، لم تصنفها جماعة إرهابية، حتى بعد أن حاربت أمريكا على مدار 20 عامًا، وقتلت مئات الجنود الأمريكيين، أما حماس، التى لم تحارب الولايات المتحدة، ولم تقتل جنودها، ولكنها واجهت حليفتها «المقدسة» إسرائيل، فاتخذت أمريكا موقفًا منها أشد عدائية من موقفها من حركة طالبان، وصنفتها جماعة إرهابية. واللافت أن أمريكا قد أقرّت، بعد 20 عامًا من احتلالها أفغانستان، بأنها لا يمكن أن تستمر، رغم كل المحاولات التحديثية، التى حاولت فرضها على المجتمع الأفغانى، وإنفاقها حوالى تريليون دولار، وفق تصريحات الرئيس الأمريكى «جو بايدن»، من أجل إعادة تأسيس جيش أفغانى جديد وأجهزة أمنية ومؤسسات إدارية «شكلها حداثى»، كما استوردت نخبًا أفغانية متعلمة تعليمًا غربيًّا متميزًا، وحاولت زرعها فى البيئة الأفغانية، وفرضها على قيادة البلاد، وفشلت، وتقبلت النهاية المحتومة لأى سلطة احتلال، وهو الانكسار والهزيمة، ولكنها فعلت العكس مع سلطة احتلال غاشم كإسرائيل، تنفق الملايين على تطوير سلاحها لقتل وقمع الفلسطينيين، وضاعفت- منذ اتفاق أوسلو للسلام- أعداد المستوطنات فى الضفة الغربية ومعها أعداد المعتقلين، واستهدفت المدنيين، ونغّصت عليهم معاشهم اليومى.

فى الحالة الأولى لم تصنف أمريكا طالبان، التى حاربتها وقتلت المئات من جنودها كحركة إرهابية، أما فى الحالة الثانية فصنفت أمريكا حماس، قبل عملية 7 أكتوبر الجارى، كحركة إرهابية، وتجاهلت مسؤولية سلطة الاحتلال عما يجرى فى الأراضى المحتلة إلا بعض التصريحات الطيبة، التى ترى أهمية السلام وحل الدولتين، وتركت إسرائيل على الأرض تنسف كل مقومات السلام. لقد كالت الولايات المتحدة بمكيالين تجاه حركتين متشددتين وفق أهواء السياسة وحساباتها، ولم تطالب طالبان مثلًا بتعديل توجهاتها العقائدية، وخاصة موقفها من المرأة، قبل تسليم الحركة حكم البلاد، إنما تركت لها البلد تحكمه بما هى عليه من أفكار لأنهم اقتنعوا أن مآل أى سلطة احتلال هو الانسحاب وترْك أهل البلد يحكمون بلادهم بأنفسهم، مهما كان الرأى فيهم. يقينًا لا يمكن أن تستمر سياسة الكيل بمكيالين إلى ما لا نهاية له، ولا يمكن أن نصنف تنظيمات وجماعات تحمل السلاح فى وجه محتل بأنها إرهابية، ويجب أن تكون المعايير التى جعلت أمريكا لا تعتبر طالبان إرهابية هى نفسها التى تحكم التعامل مع حماس.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكيل بمكيالين الكيل بمكيالين



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

الملكة رانيا بعباءة بستايل شرقي تراثي تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:49 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف
  مصر اليوم - سوريا بين الفوضى والمجهول وسط تصاعد العنف

GMT 10:29 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

نيكول سابا تعلق على دورها في "وتقابل حبيب"
  مصر اليوم - نيكول سابا تعلق على دورها في وتقابل حبيب

GMT 01:34 2025 السبت ,08 آذار/ مارس

دعاء اليوم الثامن من رمضان

GMT 09:10 2025 الإثنين ,13 كانون الثاني / يناير

أحلام بإطلالات ناعمة وراقية في المملكة العربية السعودية

GMT 19:29 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

هيا الشعيبي تسخر من جامعة مصرية والشيخة عفراء آل مكتوم ترد

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زوجة رامي صبري تبدي رأيها في أغنية فعلاً مبيتنسيش

GMT 02:52 2025 الثلاثاء ,18 شباط / فبراير

السعودية تعلن ارتفاع استثماراتها في مصر 500%

GMT 22:37 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

العثور على جثة مواطن مصري متعفن داخل شقته في الكويت

GMT 19:36 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

اغتصاب وقتل طالبة إسرائيلية على يد مغني

GMT 03:44 2018 الثلاثاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إيناس إسماعيل تُقدِّم طريقة بسيطة لتصميم ماكيت الكريسماس

GMT 06:31 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

طريقة سهلة لتحضير محشي ورق العنب بلحم الغنم
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon