بقلم عمرو الشوبكي
تعبير يستخدم للدلالة على وجود عناصر إرهابية لا تمتلك أى ماض إرهابى أو جهادى أو حتى ممارسات متطرفة أو تكفيرية، وهو ما ينطبق على منفذ حادث ولاية أورلاندو الأمريكية «عمر متين» التى راح ضحيتها 49 شخصا كانوا فى ملهى ليلى يرتاده الشواذ جنسيا.
والحقيقة أن ظاهرة الشاب الأمريكى ذى الأصول الأفغانية عمر متين لا تختلف كثيرا عن ظاهرة الشاب الفرنسى ذى ذى الأصول المغربية صلاح عبدالسلام (26 عاما)، وأحد العقول المدبرة لعملية باريس الإرهابية، الذى وصفته صحيفة لوموند الفرنسية بـ «الجهادى الذى لا يصلى فى موعده أبدا»
(Le djihadist qui ne priait jamais à l›heure).
الذئاب المنفردة هى ظاهرة تتعلق بشباب مسلم قرر أن يتطرف لأسباب اجتماعية ترجع لتهميش أو عنصرية أو إحباط أو فشل دراسى أو مهنى، أُضفى عليه بعد ذلك قشرة دينية إسلامية.
والحقيقة أن كل الدراسات التى خرجت لتحلل ظاهرة الإرهاب الجديد فى أوروبا لا تختلف جذريا عن نظيرتها الأمريكية إلا فى الدرجة، ففى أوروبا ستجد كثيرا من هؤلاء قد سافر إلى سوريا وربما وقعت عينه على كتاب جهادى أو استمع إلى تفسيرات دينية تبرر العنف والإرهاب، وهم فى غالبيتهم الساحقة (أكثر من 90% منهم) مواطنون أوروبيون من أبناء المهاجرين ومن ساكنى الضواحى الفقيرة والمهمشة، التى يعيش فيها المهاجرون فى جيتو منعزل عن نمط الحياة الغربى، كما أنهم فشلوا فى تحقيق نجاحات مهنية فى حياتهم العملية، وعانى معظمهم من فشل دراسى مبكر كما أن أعمارهم تتراوح بين 23 و30 عاما.
واللافت أن ماضى هؤلاء لا علاقة له لا بالدين ولا الجهاد (كما عرفته التنظيمات الجهادية المتطرفة والعنيفة فى سبعينيات القرن الماضى)، فقد ارتكب كثير منهم جرائم جنح وسرقات وبيع مخدرات وغيرها من جرائم الحق العام، وفجأة ومع ظهور الحاضنة السورية ولو عبر النت بدأوا فى التحول من الإجرام إلى التكفير.
أما فى أمريكا فقد يتحول الشخص لإرهابى دون أن يفهم أصلا معنى كلمة جهاد، إنما بسبب تعقيدات وإحباطات اجتماعية كثيرة، مثلما حدث مرتين هذا العام فى أمريكا الأولى كانت فى ولاية كاليفورنيا حين أطلق رجل (سيد فاروق 27 عاما) وامرأة (تشافين مالك)، من أصول مسلمة، النار على عاملين فى القطاع الصحى فقتلوا 14 شخصا دون أن يكون لهما أى ماض متطرف، والجريمة الثانية مع عمر متين (29 عاما) وراح ضحيتها 49 شخصا. واللافت أن هذا الشاب الذى كان يعمل موظفا أمنيا لم يكن متدينا بشكل مفرط، ولم يعبر عن معتقده الإسلامى على حد وصف الـ «بى بى سى» بشكل استثنائى، ولكن كانت لديه مواقف معادية للمثليين جنسيا، كما أنه كان يعتدى بالضرب بشكل مستمر على زوجته السابقة.
جريمة أمريكا تمت على يد شاب لم يتواصل حتى مع تنظيم داعش، إنما قرر أثناء عملية القتل أن يتصل بالشرطة ليقول لها إنه بايع تنظيم داعش (جديدة تماما).
ما جرى فى الولايات المتحدة سيستفيد منه اليمين الأمريكى المتطرف، متمثلا فى خطاب ترامب المحرض الأول على كراهية الإسلام والمسلمين والمعادى للقيم المدنية الأمريكية ومبادئ الديمقراطية، ويقينا عملية أورلاندو أعطت الرجل مسوغات جديدة للحديث عن خطر المسلمين على أمريكا، فى حين أن الواقع يقول إن ما يمكن وصفه مجازا بإرهاب الذئاب المنفردة يرجع إلى الواقع الاجتماعى المحبط الذى يعيشه هؤلاء «الذئاب»، أو الشباب المسلم المهمش، وهو ما يجعلنا نتمسك بأن ما نشاهده الآن هو أسلمة للتطرف (أى ضفاء الصبغة الدينية على تطرف يصنعه الواقع الاجتماعى والسياسى) وليس تطرفا إسلاميا.