توقيت القاهرة المحلي 15:58:03 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هشام جنينة

  مصر اليوم -

هشام جنينة

بقلم عمرو الشوبكي

التحول الذى شهدته قضية المستشار هشام جنينة مثير للحزن والأسى، فقد تصور الكثيرون أن قضيته ستقف عند حدود إقالته من موقعه كرئيس للجهاز المركزى للمحاسبات، ولكنها وصلت إلى تقديمه للمحاكمة، ثم فصل ابنته بشكل تعسفى من وظيفتها بالجهاز، فى خروج فج عن الحدود التى عرفناها فى إدارة الدولة المصرية لخصومتها، حين كان الأبناء والبنات خطا أحمر لا ينالهم انتقام أو بطش.

والحقيقة أن أزمة المستشار النزيه والمحترم هشام جنينة لها أكثر من وجه اختزلت فى جانبها السياسى، وغيّب جوهرها المهنى الخاص بحجم الفساد، سواء كان 600 أو 200 مليار جنيه، بما يعنى أن هناك مشكلة اسمها الفساد عجزت الدولة حتى الآن عن مواجهتها بخطة إصلاحية مدروسة، لا بشعارات عامة أو لقطات تليفزيونية يقودها، كما الأفلام، رجال عربات الدفع الرباعى، متصورين أن القبض على وزير أو مستشار وزير سيحل مشكلة الفساد.

والحقيقة أن الفساد فى مصر منظومة متكاملة، يعيش عليها ملايين البشر، صحيح أن الأطراف والمؤسسات الأقوى تستفيد من الفساد أكثر من الأضعف، وأن استثناء أى فرد أو مؤسسة من الرقابة ومحاربة الفساد يعد دليلاً على عدم جدية الدولة فى محاربته.

والحقيقة أن ما جرى مع المستشار هشام جنينة لا يخدم حديث الدولة عن محاربة الفساد، فمن حقها أن تغضب من تصريحاته حول رقم الفساد وتعتبره خطأ، وأن توقيت خروجه غير مناسب، وطريقة تعامله مع الإعلام مبالغ فيها، ولكن ليس من حق البعض أن يفتشوا فى نوايا الرجل ويعتبروه سيئ النية والمقصد، ومدفوعاً من الإخوان لإحراج النظام والإضرار بوضع مصر الدولى، (وهو تعبير فضيحة، لأن الإضرار بوضع مصر الدولى يرجع لزيادة معدلات الفساد لا الحديث عنه)، ويجبروا الجميع على ترك القضية الأساسية وهى خطة الحكومة فى مواجهه الفساد المنظم والمؤسسى لا إقالة جنينة ومحاكمته.

إن الهجمة على جنينة أتمنى ألا تخرج عن التقاليد التى عرفناها فى كل نظمنا غير الديمقراطية، فمنذ عهد عبدالناصر حتى مبارك كانت دائماً هناك حدود للقمع وللتنكيل بالخصوم، وأى خروج عن تلك الحدود، كما جرى فى نهايات عهد السادات باعتقال كل رموز الطيف السياسى أو فى نهايات عهد مبارك مع تزوير الـ99% «حزب وطنى» على يد أحمد عز، كانت النهايات المؤلمة.

ثقة جنينة وثقتنا فى القضاء المصرى قائمة رغم كل ما يقال على مواقع التواصل الاجتماعى والصحف الأجنبية، فالقضاء الذى سيمثل أمامه المستشار جنينة قضاء عريق وله تقاليد لن تؤثر فيها أهواء السياسة.

قضية جنينة هى فى مساحة رمزية صعبة وخطرة، فقد تكلم الرجل عن الفساد (حتى لو أخطأ فى أرقامه) فوجده الناس محالاً للمحاكمة بدلاً من الفساد والفاسدين.

ستبقى الأزمة الحقيقية فى أن تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى أصدره جنينة، مس مؤسسات سيادية، خاصة الداخلية، وهى لاتزال بمثابة صندوق أسود مغلق غير مسموح لأى جهة رقابية أو غير رقابية بأن تقترب منها، وبالتالى فقد خرج عن الخطوط الحمراء التى جرى العرف، وليس القانون، على عدم التعرض لها.

ولأسباب كثيرة فمصر لا يتسامح نظامها السياسى مع أى اقتراب من هذه المؤسسات، خاصة عقب اللغط الذى أثارته أرقام جنينة، وهو ما أدى لإقالته (كان متوقعاً من جانبنا)، أما إحالته للمحاكمة فهو أمر لم يكن متوقعاً ويخرجنا عن الحدود التى تعودنا عليها فى إدارة الدولة لأى خلاف مع خصومها.. فلا تذهبوا بعيداً لأننا بذلك نهدر إنجازات تحدث، ونقضى على فرص إصلاحات جراحية عاجلة ومطلوبة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هشام جنينة هشام جنينة



GMT 02:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:31 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 07:42 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 13:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم "إبادة غزة"
  مصر اليوم - جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم إبادة غزة

GMT 12:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد امام يعتبر والده "الزعيم" هو نمبر وان في تاريخ الفن
  مصر اليوم - محمد امام يعتبر والده الزعيم هو نمبر وان في تاريخ الفن

GMT 15:53 2018 الإثنين ,12 آذار/ مارس

إستياء في المصري بسبب الأهلي والزمالك

GMT 10:53 2019 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على وصفات طبيعية للعناية بالشعر التالف

GMT 02:56 2018 الأربعاء ,04 تموز / يوليو

الفنانة ميرنا وليد تستعد لتقديم عمل كوميدي جديد

GMT 19:15 2018 الجمعة ,29 حزيران / يونيو

سامح حسين يكشف عن الأفيش الأول لـ"الرجل الأخطر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon