عمرو الشوبكي
رغم أنى لم أشاهد مباراة الأهلى الأولى مع فريق الترجى التونسى التى جرت فى القاهرة، بعد أن تراجع اهتمامى بكرة القدم منذ مأساة مباراة الجزائر، رغم حرصى على متابعة المباريات المهمة كلما أتيحت الفرصة - فإننى شاهدت 20 دقيقة من الشوط الثانى فى المباراة الثانية التى جرت فى تونس نتيجة وجودى داخل أحد الأندية وكانت تعرض المباراة على شاشة كبيرة.
لم يكن لدى مثل غالبية المصريين أى رغبه فى مشاهدة المباراة بعد أن سالت دماء الأطفال الأبرياء على قضبان الإهمال والتسيب والفشل، وغير صحيح أن شوارع القاهرة استقبلت نتيجة المباراة بنفس الأفراح التى اعتادت أن تستقبل بها فوز الأهلى فى البطولات السابقة، فالمؤكد أن هناك جرحاً أصاب الناس وأضاف على كآبتهم الحالية مزيداً من الكآبة، وهو أمر عكس درجة أكبر من التضامن بين المصريين، مقارنة بما جرى عقب فوز مصر ببطولة أفريقيا والأفراح التى ملأت الشوارع رغم غرق العبارة وموت أكثر من ألف مواطن.
لقد حقق الأهلى اللقب السابع له على مستوى البطولة الأفريقية ونجح رغم كل الظروف الصعبة المحيطة به فى اقتناص فوز مستحق على منافسة التونسى، رغم توقف الدورى فى مصر بعد جريمة بورسعيد البشعة التى راح ضحيتها 74 مشجعاً بريئاً، إلا أنه نجح فى انتزاع البطولة الصعبة ليستحق عن حق لقب نادى القرن.
والحقيقة أن الأهلى ليس مجرد ناد فى الحالة المصرية فهو منظومة مهنية متكاملة بها إدارة كفؤة لها تقاليد عريقة، رغم الأخطاء والتراجع الذى يصيبها من حين لآخر، وهو ناد يؤمن القائمون عليه أعضاء ولاعبون ومسؤولون بأن لهم رسالة وأن هناك منظومة قيم ومبادئ يدافعون عنها، ولم يكن تعبير «روح الفانلة الحمراء» مجرد شعار، وإنما يعكس واقعاً حقيقياً على الأرض.
وللأهلى شعبية هائلة فى مصر، فهو النادى الأكثر جماهيرية وحصداً للبطولات على المستويات المحلية والعربية والأفريقية، وهناك بالتأكيد من يكرهون الأهلى، وهو وارد فى كل المنافسات بما فيها للأسف المنافسات الرياضية، ولكن هناك من يحقدون على الأهلى، وهؤلاء فى الحقيقة مشكلتهم أنهم لا ينظرون فى المرآة لمرة واحدة ليعرفوا لماذا يفوز الأهلى وكيف بنى النادى نظاماً متكاملاً للعمل الرياضى والاجتماعى فى بلد لا علاقة له بالنظام فى أى شىء.
وتكفى مقارنة أداء إدارات الأهلى المتعاقبة والتقاليد والصرامة التى عمقها الراحل صالح سليم داخل النادى العريق، ونقارنها بكثير من الأندية المصرية لنكتشف لماذا يفوز الأهلى.
طبعاً من الوارد أن يجامل قلة من الحكام ضعاف النفوس النادى الكبير، مثلما يشبهه البعض بما يحدث فى السياسة مع الحزب الكبير أو الحاكم، ولكن الأهلى على خلاف الحزب الذى حكم مصر أكثر من 30 عاماً دون أن تكون له علاقة بالناس ولم يعرف المهنية والإدارة الحديثة وإنما البلطجة والتزوير، هو ناد له شعبية حقيقية وسط الناس، وله روح وتقاليد يحافظ عليها، وأن كثيراً من الأندية الكبرى فى مصر حين خرجت من عقدة الأهلى واشتغلت على بناء نفسها مثل الزمالك، وفى بعض الفترات الإسماعيلى والمحلة والاتحاد السكندرى، حققت بطولات ونتائج طيبة.
نحمد الله على أن فى مصر مؤسسة رياضية تعمل بكفاءة وروح، فلنحافظ عليها جميعاً مثلما سنحافظ على حقوق الشهداء.
نقلاً عن "المصري اليوم"