توقيت القاهرة المحلي 20:33:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الدولة المعطلة

  مصر اليوم -

الدولة المعطلة

عمرو الشوبكي

المشاهد الصادمة التى يراها المصريون الآن، من حصار الوزارات والمحاكم والصحف وأقسام الشرطة، ومن حرق مقار الأحزاب، ومن فوضى مرعبة فى الشوارع ومصادمات دموية بين المتظاهرين وغير المتظاهرين وبلطجة يومية يسقط فيها قتلى وجرحى، جرى تحميل مسؤوليتها لـ«الطرف الثالث» الذى اتهم فيه رجال الحزب الوطنى السابق والأجهزة الأمنية القديمة، وعاد وتكرر الاتهام ضد الإخوان المسلمين حين اعتبرهم خصومهم أنهم المسؤولون عن هذه الحوادث دون أى دليل موثق. وقد أثبتت الأيام أن نظرية «الطرف الثالث» لا تفسر كل ما جرى وما سيجرى فى البلاد، وأن هناك أسباباً محددة أدت بنا إلى هذه الفوضى العارمة، بعضها تتحملها التيارات المدنية والائتلافات الثورية أثناء المرحلة الانتقالية، وحذرنا منها ورفضناها فى وقتها رغم صخب الهتافات الثورية، وأغلبها يتحملها من وصلوا للحكم بصندوق الانتخابات وبآليات ديمقراطية وفشلوا نتيجة تصوراتهم المغلوطة فى إدارة الدولة وتفعيل مؤسساتها. نعم كانت هناك مراهقة من قبل البعض، وكانت المعركة ضد مؤسسات الدولة، التى تحتاج إلى إصلاح حقيقى وجراحى مؤكد، فاقت حدود العقل، ودخل البعض فى علاقة ثأرية مع الشرطة والجيش، واستهدف القضاء واتهم باتهامات باطلة، وتحدث البعض عن الجيش الثورى والمحاكم الثورية والداخلية التى يجب حلها وغيرها من الأفكار الكارثية التى ظلت كأصوات احتجاجية معارضة وفى أوساط محدودة. ولولا أن فى مصر مؤسسة كالقضاء حافظت على استقلالها النسبى وواجهت مبارك حين حاول أن يزور انتخابات 2005 وأشرفت على الانتخابات التى أوصلت مرسى إلى سدة الرئاسة، لكنا فشلنا فى إجراء أى انتخابات من الأصل. ولو لم يكن فى مصر جيش ظل محافظاً على تقاليده المهنية وانضباطه العسكرى وبصرف النظر عن أخطاء المجلس العسكرى الكثيرة لكان هذا الجيش منقسماً مثل الشارع ومثلما جرى فى ليبيا وسوريا وقبلهما العراق ولكان الثمن أكبر من أن يتحمله أحد. وجاء الإخوان إلى الحكم وظلوا محكومين بسلوك المعارض المضطهد فارتابوا فى مؤسسات الدولة مثلما ارتابت هى فيهم، وبدلا من أن يعملوا على إعادة الثقة فى هذه المؤسسات أصدر الرئيس إعلاناً دستورياً أدخله فى مواجهة مفتوحة مع القضاء ومع الداخلية حين وظَّف قضية دماء الشهداء لإعادة محاكمة ضباط حصلوا على براءة أمام قاضيهم الطبيعى، ثم أصر على فرض حماية خاصة لحلفائه الـ«حازمون» الذين راحوا يحرقون مقار الأحزاب ويهددون الصحف وأقسام الشرطة دون أن يحاسبهم أحد بتهمة التحريض وممارسة العنف لأنهم داخل «المظلة الإخوانية» ولديهم حماية من الجماعة ونائب المرشد. لقد فشل الرئيس فشلاً ذريعاً فى أن يكون رأس السلطة التنفيذية القادر على إعادة العمل فى مؤسسات الدولة المصرية بإصلاحها وتطوير أدائها، وبدا كأنه رئيس جماعة يرتاب فى دولته وغير قادر على إصلاحها أو تفعيلها، ويتحدث عن نظريات المؤامرة كل يوم مثلما كان يتحدث حين كان عضوا فى الجماعة «المحظورة» فى عهد مبارك، ولم يع أن الدولة فى مصر ليست مثل سوريا أو العراق أو ليبيا إنما هى «دولة عميقة» ذات تقاليد، كثير منها إيجابى وكثير منها سلبى يحتاج إلى إصلاح جذرى، لا هدم أو انتقام. وبدت النقلة السريعة التى حدثت فى صفوف الجماعة من المعارضة المستمرة والاضطهاد الطويل إلى السلطة عاملا رئيسيا وراء هذا الفشل فى إعادة تفعيل مؤسسات الدولة، لا تصفية الحسابات معها، أو إعادة تفصيل مؤسساتها لصالح الجماعة لا الشعب المصرى نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدولة المعطلة الدولة المعطلة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 23:18 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

علاج جيني جديد لفشل القلب يحقق نتائج مبهرة خلال التجارب

GMT 06:24 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعًا

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:03 2019 الإثنين ,05 آب / أغسطس

ازمة في الاتحاد السكندري بسبب مواعيد الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon