توقيت القاهرة المحلي 23:46:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الانفلات المجتمعي

  مصر اليوم -

الانفلات المجتمعي

عمرو الشوبكي

من المؤكد أن المجتمع المصرى تعرض لظلم اجتماعى وسياسى كبير طوال 30 عاما، دفعه إلى العزلة تارة والاحتجاج والرفض تارة أخرى، وبعد الثورة انتظر الكثيرون دولة القانون وإعادة بناء المؤسسات، لكن لم يحدث شىء: لا الدولة عادت ولا المؤسسات أعيد بناؤها، وبقى صوت الاحتجاج الوحيد عبر حصار الأقسام ومديريات الأمن والوزارات السيادية وغير السيادية وقطع الطرق، دون وجود آلية ديمقراطية وسلمية تنقل مطالب الناس وتعمل على تنفيذها. من الصعب قبول أن يكون رد الفعل على قيام ضابط شرطة بقتل شاب بطريق الخطأ أثناء قيامه بتأدية عمله فى مطاردة أحد المسجلين الخطر، وبعد أن أطلق الرصاص فى الهواء لإيقاف الثانى فسقط الأول، ورغم فداحة الخطأ الذى أدى إلى فقدان روح بريئة - من الصعب قبول أن يكون رد الفعل هو مهاجمة الأهالى القسم وسقوط 4 قتلى آخرين وعشرات الجرحى، فى مشهد لا يمكن تبريره أو فهمه فى أى سياق طبيعى. للأسف إن مصر تعيش حالة من الانفلات المجتمعى نتيجة غياب دولة القانون وشعور بعض الناس بأن فى استطاعتهم أن يفعلوا ما يشاءون نتيجة غياب الدولة، لأن عنصر الردع بالنسبة لهؤلاء كان القبضة الأمنية وليس سطوة القانون، والمطلوب ليس عودة القبضة الأمنية واستخدام القوة فى غير موضعها، كما كان يحدث فى عهد «مبارك»، إنما فى عودة دولة القانون التى تردع المخطئين والمتطرفين والمنفلتين. والحقيقة أن إخوان الحكم ليسوا حريصين على عودة دولة القانون إنما فقط السيطرة على الدولة دون القانون، وإدارتها بنفس الطريقة القديمة دون أى تغيير أو إصلاح. الانفلات المجتمعى هو نتيجة لعدم ثقة الناس بأن هناك من يعمل للصالح العام وليس لصالح مشروعه الخاص، وأن من فى الحكم لم يقدموا رسالة واحدة تقول إننا سنحاسب المخطئين لأنهم مخطئون إنما سنحاسب المخطئ تبعا للحسابات السياسية، فإذا كان مفيدا أن نتركه فسنتركه، وإذا كان مفيدا أن نتصالح معه فسنتصالح معه. مدهش أن يسعى الإخوان للتصالح مع رجال أعمال الحزب الوطنى السابقين، وفى الوقت نفسه يضعون نصا معيبا فى الدستور المصرى للعزل السياسى، ويتهمون بعض أطراف جبهة الإنقاذ من غير رجال الأعمال بأنهم فلول وجزء من النظام القديم لأنهم جرؤوا على معارضتهم. انفلات المجتمع هو الوجه الآخر لانفلات السلطة، فمن يحكم من أجل السيطرة والبقاء فى السلطة عليه ألا ينتظر من المجتمع أن يحترم القانون، لأن الأخير أصبح يوظفه من فى الحكم من أجل البقاء فى السلطة وليس الدفاع عن مصالح الناس.. نعم فى مصر انفلات مجتمعى هبط على الناس فى مرحلة السيولة وغياب القانون، وامتد من المجتمع حتى مؤسسات الدولة، لماذا ظهر فجأة الآن ضباط يطلقون اللحية، وما الذى جعلهم الآن، وليس فى عهد «مبارك»، يطلقون لحاهم؟ وهل من المنطقى ألا يحترم حماة القانون والأمن قوانين وزارتهم التى لا تسمح لهم بإطلاق لحاهم، مستغلين حالة الضعف والسيولة الحالية، ضاربين بعرض الحائط القاعدة القانونية المتعارف عليها منذ أن التحقوا بكلية الشرطة؟ علينا ألا نتصور أن الديمقراطية تعنى الاستباحة التى نراها الآن، فكل من يفجر فى الخصومة ويمارس إقصاء لمنافسيه، ويكفر أو يخون مخالفيه فى الرأى لا يستحق أن يكون له مكان فى مصر الجديدة، وأن فشل الإخوان فى بناء دولة القانون والمؤسسات هو الوجه الآخر للانفلات المجتمعى الذى نراه كل يوم فى الشارع المصرى. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الانفلات المجتمعي الانفلات المجتمعي



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 23:18 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

علاج جيني جديد لفشل القلب يحقق نتائج مبهرة خلال التجارب

GMT 06:24 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعًا

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:03 2019 الإثنين ,05 آب / أغسطس

ازمة في الاتحاد السكندري بسبب مواعيد الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon