توقيت القاهرة المحلي 06:25:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى تخسر المعارضة؟!

  مصر اليوم -

متى تخسر المعارضة

عمرو الشوبكي

المعارضة هى جزء أصيل من الشرعية، مثلها مثل من فى الحكم. والمعارضة فى الدول الديمقراطية لها حقوق الحكومة نفسها، ولا يجب أن يكون مغضوبا عليها، لأنها معارضة، فى مقابل ريشة توضع على رأس من فى الحكم. والمؤكد أن مصر طوال عصر مبارك عرفت الحزب الحاكم الذى احتكر الشرعية والحديث باسم مصر، ومعارضة اعتبرها النظام غير شرعية وتعامل معها على أنها ديكور يتجمل به، وظلت المعارضة القانونية وغير القانونية من خارج الأحزاب الكرتونية متهمة من قبل النظام حتى قامت ثورة 25 يناير، ودخلت مصر فى مرحلة جديدة اختلف فيها وضع المعارضة، فوصل فصيلها الأكبر للحكم ممثلا فى الإخوان المسلمين وبقى جزء آخر فى المعارضة، وانتقل كثير من أهل الحكم إلى المعارضة أو إلى سجن طرة. ومع حكم الإخوان تبلورت قوى ثلاث معارضة، بعضها قديم، والآخر جديد: الأولى متمثلة فى جبهة الإنقاذ التى تضم تحالفا سياسيا واسعا من التيارات الليبرالية واليسارية والشخصيات العامة المستقلة، والثانية هى الائتلافات السياسية الثورية متمثلة فى بعض شباب الأحزاب وبعض الجماعات اليسارية الثورية، والثالثة هى ما يمكن تسميتها بالمعارضة المؤسسية التى تميل إلى معارضة الإخوان من خلال القواعد السياسية القائمة، وتعتمد على الانتخابات والحوار والضغط السياسى كوسائل للتغيير التدريجى، وأبرز ما يمثلها حزب مصر القوية وحزب النور وبعض التيارات الإسلامية الأخرى من خارج حلف الإخوان. والمؤكد أن جبهة الإنقاذ نجحت، لأول مرة منذ الثورة، في أن تتحالف ولو نظريا فى كتلة سياسية واحده، ونجحت فى أن تكون رأس حربة فى مواجهة الإعلان الدستورى الاستبدادى الذى أصدره مرسى فى شهر نوفمبر من العام الماضى، وبدا أن هناك كتلة سياسية لها وجود شعبى تقف فى مواجهة حكم الإخوان، وهو ما دفع الأخيرة إلى تكرار اتهامات كل النظم غير الديمقراطية للمعارضة، ودون أن يعنى ذلك أنها لم ترتكب أخطاء كثيرة طوال الفترة الماضية. والحقيقة أن المعارضة الجديدة فى مصر أمامها فرصة تاريخية لأن تخرج من تجارب المعارضة المعلبة التى عرفتها قبل الثورة أو المعارضة الاحتجاجية العاجزة عن تقديم أى بديل، كما شاهدنا بعد الثورة، إذا قدمت استراتيجية جديدة فى التعامل مع الدولة والمجتمع حتى لا تخسر معاركها القادمة، مثلما جرى فى معاركها السابقة. ولعل التحدى الأول أمام المعارضة يتعلق بنظرتها لمؤسسات الدولة، وتحديدا تلك المعركة الدائرة فى أطراف ميدان التحرير بين بعض المحتجين وقوات الشرطة، حيث أدانت قوى المعارضة ما سمته الاستخدام المفرط للقوة، وهو موقف يكرره بعض النشطاء وبعض جماعات حقوق الإنسان، والحقيقة أن هذا الموقف يتجاهل ما أصاب وزارة الداخلية بعد ثورة 25 يناير من ضعف وانهيار معنوى وارتباك مهنى، وإن تعوّد البعض إدانة الشرطة بشكل تلقائى، كما كان يجرى قبل الثورة- يجب ألا يستمر بالطريقة نفسها حتى الآن، ودون الأخذ فى عين الاعتبار أن هناك مئات من حوادث الاعتداء التى يتعرض لها رجال الأمن كل يوم، سواء فى ساحة التظاهر أو خارجها، وأن رجال الشرطة، خاصة بسطاء المجندين، دفعوا ثمناً باهظاً لأخطاء من فى الحكم لم يدفعه أى جهاز أمنى فى أى بلد آخر فى العالم، ولايزال البعض يطالبهم بدفع فاتورة السياسة حتى الآن. إن وجود خطاب معارض يدين الاعتداءات المنظمة التى تطال رجال الأمن وظروف عملهم غير الإنسانية أمر فى صالح صورة المعارضة القريبة مما يقوله الناس، وهو أمر لا يعنى عملياً تجاهل أخطاء الشرطة- وهى كثيرة- ولكن الفارق أن هذه الأخطاء كانت ترتكب قبل الثورة مع سبق الإصرار والترصد من جهاز قوى وقاس وفى ظل سلطة قمعية، سلاحها الوحيد هو الأمن، وبين نظام جديد لم يستطع أن يؤمم الشرطة لحسابه، واضطر لأن ينزل أنصاره للقيام بدور الشرطى، بعد أن اتضحت رغبة «الداخلية» فى ألا تكون طرفا فى لعبة السياسة. المفارقة أن خطاب المعارضة الأقرب لمعظم مؤسسات الدولة المصرية بدا منفرا وغير واقعى فى بعض الأحيان، فى حين أن خطاب الإخوان الذى لا ترتاح له هذه المؤسسات بدا فى «معركة الداخلية» هو الأقرب، خاصة إذا تم تسليح شباب الضباط ـ وهم محقون فى طلبهم مهنيا ـ فإن الفاتورة السياسية التى سيدفعونها فى حال اضطروا لاستخدام السلاح، ولو دفاعا عن أنفسهم، ستكون قاصمة. أما التحدى الثانى أمام المعارضة فيتمثل فى قدرتها فى التواصل مع المصريين العاديين الذين لم ينالوا لقب ناشط، والحقيقة أن خطاب المعارضة خسر جزءاً من عموم المواطنين، حين بدا فى أعينهم متشددا برفضه الحوار مع الرئيس، ورغم أن الحوار لم يكن سينجح إلا أنه كان سيعنى تحميل من فى الحكم مسؤولية الفشل. المعارضة خسرت قبل الثورة وبعد الثورة، حين كانت عينها فقط على أعضائها ونشطائها، وليس أنصارها وجماهيرها، وأن أخطاء البعض بعد الثورة كانت قاتلة، وسلمت السلطة بكل سلاسة للإخوان، لأنها أدخلت نفسها فى منطق ادعت أنه ثورى. والحقيقة أنه كان تفكيكيا بامتياز خصم من رصيد الدولة، وأسقط دستورها، وأضعف مؤسساتها لا لكى تستفيد التيارات المدنية، إنما «ليستفيد» الفراغ الذى ملأه الإخوان بكل سهوله. المعارضة ستخسر إذا انعزلت عن جماهيرها، والمؤكد أن النجاح المعنوى الذى حققته جبهة الإنقاذ لم يكن وسط المزايدين الذين دعوا لإسقاط الجميع من «مرسى» إلى البرادعى، إنما وسط عموم المصريين، حين نجحت فى حشد قطاعات واسعة منهم ضد الإعلان الدستورى، ودفعت 37 % من المصريين للتصويت بـ«لا» فى الاستفتاء الأخير، وطالبت بتقنين وضع الجماعة وإقالة النائب العام، ولم تطالب بإسقاط الرئيس، وهو أمر يحسب لها، لأن خطورة «نظرية يسقط» التى لا يعرف غيرها البعض أنها ستقضى على تجربة التحول الديمقراطى، وستدفع ثمنها مصر كلها وليس فقط من فى الحكم والمعارضة. إن حشد الجماهير سلميا ضد حكم الجماعة ونضال النفس الطويل، واعتبار أن مصر بعد 11 فبراير لن تحسم أى معركة لها «بالضربة القاضية» إنما بالنقاط، وهى كلها أمور يجب على المعارضة أن تعى لها حتى لا تخسر معاركها القادمة. إن مبادرة حزب النور جاءت برداً وسلاماً على باقى قوى المعارضة، لأن دلالتها أكبر من نصوصها، لأنها ستعنى -عملياً- نهاية توظيف الشريعة فى الصراع السياسى الحالى، وأن ما كان يفعله الإخوان طوال الفترة الماضية من توظيف للسلفيين فى معاركهم السياسية تحت حجة أن الشريعة مهددة قد تراجع، وربما ينتهى، وأن جبهة الإنقاذ مثل باقى قوى المعارضة ليست ضد مبادئ الشريعة، كما نص عليها الدستور. هناك مسار بدأنا فيه، وهذا المسار أساسه مشوّه، ويجب تعديله، وهو أمر سيأتى بالضغط الشعبى السلمى والنضال السياسى والحزبى عن طريق تقديم بديل سياسى واضح وعدم الاكتفاء بالاحتجاج والرفض كما جرى من قبل. نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تخسر المعارضة متى تخسر المعارضة



GMT 06:25 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إسماعيل ياسين وناصر وملك المغرب!!

GMT 06:23 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية!

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هل توجد وطنيةٌ أمريكية؟

GMT 06:19 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأمريكية

GMT 06:18 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تحف الأضرحة

GMT 14:06 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

لا فرصة للعرموطي برئاسة مجلس النواب

GMT 14:02 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف نتحقق من الادعاءات؟

GMT 14:00 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بلفور وما بعده.. سيناء ومستقبلها!

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon