توقيت القاهرة المحلي 23:46:41 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الرهانات الخاسرة

  مصر اليوم -

الرهانات الخاسرة

عمرو الشوبكي

هناك رهانات خاسرة يتصور البعض أنها ستُكسبه المعركة السياسية الحالية، وهناك تصورات وهمية يعيد بها البعض تصوراته السابقة التى كانت عبارة عن سلسلة متتالية من الاختيارات الفاشلة، وهناك أهل الحكم الذين لا تعرف بالضبط على ماذا يراهنون: الوقت الذى يهدئ الأمور، أم ضعف المعارضة وهشاشتها كما يرددون، وبالتالى تركها تصرخ دون مجيب؟! الحقيقة هناك مجموعة من الرهانات الخاسرة التى اعتاد عليها البعض ويكررها مع كل أزمة كبيرة أو صغيرة، فهناك من يتصور أن الحل فى انهيار العملية السياسية وسقوط النظام عبر الفوضى العارمة وقنابل المولوتوف، ليأتى الجيش و«يلم الموضوع» ويحكم بدلاً من الإخوان، الذين يُفترض أن يسلموا السلطة التى وصلوا إليها بانتخابات حرة بكل سلاسة للانقلاب الجديد، الذى سيرضى عنه «حَمَلة المولوتوف» والأسلحة البيضاء والخرطوش لعدة أشهر ثم يطالبون بإسقاطه مرة أخرى لأنه ليس لديهم أى بديل إلا «يسقط» حتى لو كان الرئيس القادم. المذهل أن هؤلاء هم أنفسهم الذين طالبوا بسقوط حكم العسكر وهم الذين شتموا الجيش وأهانوه ببذاءة، وعادوا اليوم يطالبونه بالتدخل السياسى دون الأخذ فى الاعتبار أى مصلحة وطنية تحتم أن يكون الجيش محترماً ومصوناً ومحافظاً على أمن مصر القومى وخارج العملية السياسية. هذا الجيش بفضله نجحت الثورة المصرية فى أن تُسقط مبارك دون أى خسائر تذكر، وبفضله لم تسقط الدولة ومعها مئات الآلاف من الضحايا مثلما جرى فى أكثر من بلد عربى. والحقيقة أن بقاء الجيش بعيداً عن تفاصيل المشهد السياسى، ووعيه بأنه لن ينجر لصالح طرف سياسى فى مواجهة آخر، وأنه ستكون كارثة على مصر إذا تحول الجيش من مؤسسة وطنية محترفة- كما وصفناها طوال المرحلة الانتقالية رغم هتافات البعض- إلى طرف فى المعادلة السياسية ينقلب على سلطة الإخوان لصالح معارضة التيار المدنى، أو يقهر الأخيرة لصالح الأولى، فستكون كارثة على مصر كلها إذا دخل الجيش طرفاً فى المعادلة السياسية والاستقطاب السياسى الحالى، كما يطالبه البعض نتيجة خيبته وفشله فى صناعة بديل لحكم الإخوان. فكما أثبت أنه حامى الدولة والمجتمع وأنه الجيش الأكثر احترافاً وقوة وتماسكاً فى المنطقة العربية، وهو ربما لذلك مستهدف من قبل بعض الدوائر الأمريكية والإسرائيلية، لأن- ببساطة- النموذج الفاشل الذى بشَّرت به الإدارة الأمريكية بعد غزوها العراق قام على هدم مؤسسات الدولة وتفكيك الجيش والمؤسسات المختلفة وبناء الجديد «النقى» والديمقراطى- أو الثورى كما يتوهم البعض فى مصر- من تحت أنقاض الدولة المتهدمة، وتكرر الأمر فى ليبيا بعد أن تفككت ميليشيات القذافى التى سمَّاها جيشاً، وتحولت ليبيا إلى أرض الميليشيات فبلغ عددها حوالى 200 ألف (كانت حوالى 140 ألفاً فقط عشية انتصار الثورة) وهى غير قادرة على إعادة بناء الدولة رغم أنها دولة غنية وعدد سكانها 5 ملايين نسمة، أى أقل من نصف سكان مدينة القاهرة. الجيش لن يتدخل إلا بموافقة كل الأطراف السياسية وليس لحساب طرف فى مواجهة آخر، ويكون البلد وصل إلى مرحلة الانهيار الكامل، وعندها سندفع جميعاً ثمناً باهظاً جراء رهانات البعض الخاسرة، لأن سقوط الدولة لن يعنى أن الجيش قادر على إعادة بنائها ولا أى فصيل سياسى آخر. رهانات إخوان الحكم على الزمن وأنهم قادرون على الاستمرار فى مسارهم حتى لو هدموا الدولة الوطنية التى يكرهونها، وفككوا المجتمع وقسموه، هى كلها رهانات خاسرة، مثلما يتصور بعض المعارضين أن نشر الفوضى فى ربوع مصر يمكن أن يدفع الجيش للتدخل لنصرتهم وهو أيضاً رهان خاسر نقلاً عن جريدة "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرهانات الخاسرة الرهانات الخاسرة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 23:18 2024 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

علاج جيني جديد لفشل القلب يحقق نتائج مبهرة خلال التجارب

GMT 06:24 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

تقنيات عديدة يمكن استخدامها للدخول في النوم سريعًا

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:03 2019 الإثنين ,05 آب / أغسطس

ازمة في الاتحاد السكندري بسبب مواعيد الكأس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon