مصر اليوم
عملية اختطاف جنودنا السبعة فى سيناء صادمة ومؤلمة فى نفس الوقت، وطريقة التعامل مع الخاطفين تبدو أيضاً مقلقة، وتضع علامات استفهام كثيرة على أداء القيادة السياسية التى صرحت «بضرورة الحفاظ على أرواح الخاطفين والمخطوفين»، فى موقف مهين للدولة والشعب المصرى على السواء حين ساوت بين الجانى والمجنى عليه.
والمؤكد أنه لا يجب أن يتصور البعض أن هذا النوع من العمليات العسكرية ليس له ثمن، وأن التعامل بعنترية مع قضية تحرير الجنود دون استنفاد كل الجهود المطلوبة فى التفاوض مع الخاطفين أمر غير مطلوب، فكل دول العالم تتفاوض مع الإرهابيين بشرط عدم الخضوع لابتزازهم، لأن الهدف ليس التفاوض إنما تحرير الرهائن، وفى بعض الأحيان تنجح هذه المفاوضات فى تحريرهم، وفى أحيان أخرى تفشل ولا يكون هناك بديل إلا الخيار العسكرى.
وطريقة الجيش فى التعامل مع هذه القضية مازالت حتى هذه اللحظة متزنة ومهنية، ولا يجب أن تنتقل حالة المزايدات السياسية الرخيصة إلى رفض استنفاد مسار التفاوض حتى نهايته، لأن الهدف هو الإفراج عن المخطوفين، والوسيلة قد تكون التفاوض أو عملية عسكرية.
ولذا قد يضطر الجيش والقوات الخاصة للقيام بعملية تحرير للرهائن، وهنا سنجد أن هناك تياراً واسعاً من الرأى العام فى مصر يرغب فى رؤية عملية عسكرية ناجحة، ويرغب فى نفس الوقت فى استعادة صورة ذهنية قديمة عن جيشه المحارب.
ولعل قرار التدخل العسكرى هذه المرة سيعتمد بصورة كبيرة على حسابات الجيش، وبالتالى ستكون مسؤوليته هائلة فى حال فشله فى تحرير الرهائن أو نجاحه فى تحريرهم- لا قدر الله- جثثاً، ولعلنا نتذكر كيف ورَّط قرار الرئيس الراحل أنور السادات فرقة الصاعقة فى عملية تحرير رهائن الطائرة المخطوفة فى قبرص، حين أرسلهم دون تنسيق مع الجانب القبرصى، ودون أى حسابات واقعية على الأرض فسقط عشرات الضحايا من رجال القوات الخاصة والمخطوفين فى واحدة من أسوأ عمليات تحرير الرهائن فى العالم وأفشلها، وظلت نقطة سوداء فى التاريخ المصرى حين تسبب قرار أرعن وغير مدروس فى سقوط هذا العدد غير المسبوق من الضحايا.
قد يكون أمراً صادماً حياد مرسى وجماعته، ولكنه بذلك أعطى فرصة للجيش للقيام بمفرده بهذه العملية وتحمل نتائجها السياسية والعسكرية، وتلك مسألة فى غاية الأهمية والخطورة.
المؤكد أن المصريين يبحثون عن نجاح من أى نوع، وهناك ضغط شعبى من أجل القيام بعملية عسكرية ناجحة لتحرير جنودنا، وننسى أن هناك عمليات فاشلة أيضاً وقعت فيها أقوى الفرق الخاصة فى العالم، مع فارق رئيسى: أن هذه المجتمعات لديها ما تفتخر به اقتصادياً وسياسياً، فلا يهز وجدانها هذا الفشل مثلنا، خاصة مع حالة الإحباط الكبير الذى تعيشه مصر، وبات يحتاج إلى انتصار ما.
نعم، فى حال فشل طريق المفاوضات لا بديل عن عملية عسكرية، ولكن مسؤولية من سيخططون لها ستكون جسيمة، لأن تأثيرها سيكون أكبر بكثير من أى عملية عسكرية، فنتائجها ستصل لوجدان المصريين وقلوبهم، بعد أن صاروا يتعلقون بقشة، حتى لو كان الأمر هو مجرد عملية لتحرير جنودهم، وليس انتصاراً فى حرب أو معركة كبرى.
amr.elshobaki@gmail.com
نقلاً عن جريدة "المصري اليوم