عمرو الشوبكي
عقد د. محمد مرسى مؤتمراً جماهيرياً حاشداً، حضره الآلاف من جماعته وعشيرته لنصرة الثورة السورية، وهتفوا للرئيس مرسى، وكأن هدفهم هو إيصال رسالة للمعارضة فى الداخل ولأمريكا فى الخارج، لا علاقة لها بدعم الشعب السورى وثورته.
وحين تقرر الولايات المتحدة يوم 13 يونيو رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية، ويعقبه مؤتمر لأنصار الرئيس مرسى فى القاهرة يقررون فيه قطع العلاقات مع النظام السورى وفتح باب الجهاد ضد النظام وحلفائه، تصبح هناك مائة علامة استفهام عن دلالة هذا المؤتمر ورسالته.
والحقيقة أن دعم الثورة السورية بهذه الطريقة وبهذا الخطاب الطائفى أمر يضعفها ولا يقويها، فالثورة السورية لن تنجح بجلب المجاهدين من كل بقاع الأرض، إنما بدعم ثوار سوريا على الأرض، ودعم التوافق الدولى على إيجاد مخرج للصراع الدائر فى سوريا لا يدمر ما تبقى من الدولة والجيش والمجتمع.
أما حشد الأهل والعشيرة وتصوير الأمر على أن هناك حرباً سنية ضد الأقلية العلوية الحاكمة، وتحويل الصراع السياسى ضد نظام قاتل ومستبد إلى قتال ضد الشيعة والعلويين أبناء سوريا والعراق ولبنان والبحرين فهو كارثة حقيقية تضر بالثورة السورية.
إن أغلب المشاركين فى الثورة السورية من خارج التيار الإسلامى، وإن تصوير الأمر على أنه جهاد ضد الكفار، كما جرى فى أفغانستان وانتهى ببناء نظام من أفشل وأسوأ النظم التى عرفها العالمين العربى والإسلامى منذ عقود، أمر يضر بالثورة السورية أبلغ ضرر.
إن مواجهة النظام السورى، مدعى الممانعة بأساليب من نفس نوعه، أمر يضر بالثورة السورية، فالنظام الذى عاش منذ حافظ الأسد وحتى الآن على قهر الشعب السورى ولم يدخل منذ حرب 73 فى مواجهة واحدة ولو على سبيل السهو أو الخطأ ضد إسرائيل، ونسى أو تناسى أن الممانعة ليست مجرد شعار يرفع أو صاروخ يطلق إنما هى مشروع متكامل للبناء والتقدم الداخلى، يجعل هذه الدولة قادرة على مواجهة أعدائها والتأثير فى العالم.
إن مواجهة النظام السورى بنفس أدواته، أى النضال بالشعارات وعبر المؤتمرات «الجهادية» والميكروفونات، وتصوير الأمر على أن الحل فى إرسال شباب للموت هناك، وتناسى أن جوهر المعضلة السورية فى الصراع الدولى الدائر حولها، وليس فى عدد المجاهدين الذين سيرسلهم النظام المصرى إلى هناك (إذا أرسلهم فعلا).
إن ما فعله مرسى وجماعته فى استاد القاهرة هو الوجه الآخر لما يفعله بشار الأسد، فهو رئيس دولة ضعيفة وغير ديمقراطية، تعيش على الشعارات الوهمية، وللأسف ما جرى فى مصر هو نوع من الشعارات الوهمية الأخرى التى تجاهلت أن البلاد منقسمة، وليس لها وزن سياسى قادر على أن يؤثر بأى صورة فى الحسابات الإقليمية والدولية المؤثرة فى سوريا.
المطلوب من مصر ليس الهتاف لصالح الثورة السورية، كما يفعل بشار الأسد حين هتف ضد إسرائيل ولم يواجهها لأنه لا يمتلك أيا من أدوات القوة الداخلية التى تسمح له بمواجهة إسرائيل، والأمر نفسه فعله مرسى حين هتف ضد النظام السورى دون أن يمتلك أداة من أدوات القوة تجعله مؤثراً فى المعادلة الدولية أو حتى المعادلة السورية الداخلية، بعيدا عن تأجيج خطاب الفتنة الطائفية.
إن شعارات المقاومة والممانعة قابلة للتوظيف حسب المستخدم، فوظفها بشار الأسد تارة ومحمد مرسى تارة أخرى، ونسينا أن الأمر لا يعدو مجرد ترديد شعارات تخبئ فشلاً كبيراً.
نقلاً عن جريدة " المصري اليوم "