توقيت القاهرة المحلي 02:19:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحديات ما بعد مرسي

  مصر اليوم -

تحديات ما بعد مرسي

عمرو الشوبكي

سقوط حكم مرسى لم يكن بلا تداعيات، لكنه كان ضرورة بعد أن أغلقت جميع الفرص أمام إجراء أى إصلاحات على بنية النظام القائم، واتضاح رغبة الإخوان فى جعل انتخاب مرسى بمثابة أول وآخر انتخابات ديمقراطية تشهدها البلاد. والمؤكد أن وضع قواعد جديدة دستورية وقانونية تنظم العملية السياسية بدءاً من الإعلان الدستورى والحديث عن تعديل دستور 2012، إضافة لاختيار لجنة تأسيسية لإجراء هذه التعديلات، بداية مقبولة لإطلاق عملية سياسية جديدة، حتى لو اعترض البعض على تعديل الدستور المعطل، ورفض البعض الآخر فكرة اللجنة غير المنتخبة، إلا أن ذلك يجب ألا يجعلنا نقبل، تحت أى ظرف، فكرة انتخاب البرلمان قبل الاتفاق على الدستور فى تكرار للخطيئة الكبرى التى دفع الشعب المصرى كله ثمنها حين انتخب برلماناً ورئيساً قبل التوافق على دستور البلاد. والمؤكد أن السؤال أو التحدى الأول المطروح الآن لمرحلة ما بعد مرسى هو مدى القبول بفكرة وجود قواعد دستورية وقانونية مسبقة قابلة للتعديل بشكل متدرج، وعدم الإصرار على أن هناك جديدا نقيا وثوريا سيهبط علينا فجأة من السماء وسيحمل لنا طوق النجاة. والمؤكد أن الاختيار الأول هو الخيار الذى شهدته كل التجارب الناجحة، وأن عملية البناء الجديد هى عملية تُصنع على الأرض وعبر نضالات سياسية تُبنى فيها مؤسسات حزبية قادرة على الحكم وإدارة شؤون البلاد، وليس فقط الاحتجاج والرفض. والحقيقة أن تحدى بناء مسار سياسى ودستورى والسير فيه هو الخيار الوحيد المتاح أمام مصر حاليا، فالمهم أن نتقدم للأمام بتعديل دستور 2012 أو حتى وضع دستور جديد، المهم أن يتم ذلك قبل إجراء أى استحقاق انتخابى وسياسى جديد. فنظرية الهدم والبدء من الصفر على الطريقة العراقية كارثة حقيقية، لأن المطلوب هو تفكيك القديم بشكل متدرج، بحيث يكون كل حجر يسقط من المنظومة القديمة يكون له بديل يبنى من المنظومة الجديدة. وعلى الجميع أن يستفيد من قوة الجيش فى وضع النظام الانتقالى الجديد بدلا من حالة اللانظام التى عرفناها مؤخرا، وأن هذا النظام الجديد حتى لو لم نرض عنه جميعا، إلا أن توافقنا عليه سيفتح الباب أمام عملية تحول ديمقراطى حقيقى فى البلاد، إذا أحسنت القوى المدنية تنظيم نفسها وانتقل جزء منها من حالة الاحتجاج إلى حالة صناعة البديل. والحقيقة أن هذا هو التحدى الثانى لمرحلة ما بعد مرسى، ويتمثل فى قدرة التيارات المدنية على التحول من مرحلة الاحتجاج على حكم الإخوان إلى القدرة على بناء مؤسسات سياسية تقدم أفكارا وبرامج ولا تتصارع على السلطة من أجل السلطة دون أن تمتلك رؤية ولا تصورا لمصر المستقبل. أما التحدى الثالث فهو يتعلق بمشكلة الإخوان الأزلية، وهل يمكن إعادة دمجهم مرة أخرى فى العملية السياسية وبأى شروط، فى ظل حديث متصاعد عن المصالحة تتواكب معه عمليات عنف يمارسها أو يحرض عليها الإخوان. فقضية المصالحة ليست أن «نحب بعضنا»، إنما أن يحاسب المخطئ والمجرم أولا، ثم بعد ذلك نتفق معا على وضع قواعد اللعبة السياسية دون إقصاء لأحد. إن الانقسام الحالى بين الإخوان والمجتمع ليس مجرد خلاف فى الرؤى السياسية يستلزم المصالحة، كما يجرى فى بعض الديمقراطيات المستقرة، إنما هناك من ارتكب جرائم ومارس العنف وحرض عليه، فلابد أن يخرج من أى مصالحة لأنه يجب أن يخضع أولا للمحاسبة القانونية. وفى الوضع الحالى لابد أولاً الاعتراف بأن «الإخوان» تيار موجود وكبير، لكنها تختلف عن باقى القوى السياسية الأخرى (إسلامية أو ليبرالية) فى أن لديها جماعة اختارت أن تبقى سرية حتى بعد وصولها للسلطة، وهو أمر لا ينطبق على باقى الأحزاب المدنية والإسلامية الأخرى. لا يعقل أن يسمح مرة أخرى لجماعة سرية رفضت أن تحصل على رخصة قانونية، رغم أن مرشحها نجح فى الانتخابات وحكم البلاد، ولا توجد دولة أخرى فى العالم قبلت أن تحكمها جماعة غير قانونية إلا فى مصر؟ وتلك من أخطاء المجلس العسكرى الكبرى الذى تساهل بصورة مرعبة فى وضع القواعد والأطر الدستورية والقانونية التى تحكم العملية السياسية قبل الدخول فيها، كما جرى فى كل تجارب التحول الديمقراطى وعلى رأسها تقنين وضع جماعة الإخوان المسلمين. إن شعور الإخوان بالتهميش والغبن لا يواجه بالانتحار السياسى وبهذا الإصرار على نقل خصومتهم مع القوى السياسية المدنية والسلطة الجديدة إلى الشعب، والدخول فى مواجهات دامية مع الأهالى والمواطنين. وإذا كان الإخوان، ومعهم قطاع من المصريين، يرى أن ما جرى بحق الرئيس السابق أمر غير قانونى، فإن وضعهم فى نفس الوقت قبل انتفاضة 30 يونيو كجماعة مختارة فوق الدولة والقانون لا يراقب أموالها أى جهاز فى الدولة أمر أيضا غير قانونى. إن تحدى إعادة دمج الإخوان فى العملية السياسية يتطلب قبولهم كجماعة دعوية أو كحزب سياسى، بما يعنى عمليا القضاء على فكرة الجماعة المهيمنة على الحزب والمجتمع والدولة والرئيس، لصالح جماعة قانونية محددة الأهداف، فإما أن تكون جماعة دعوية ودينية مثل آلاف الجماعات الأخرى، أو أن تكون حزبا سياسيا مثل عشرات الأحزاب الأخرى. تحديات ما بعد مرسى ثلاثة أبرزها وضع القواعد القانونية والدستورية المنظمة للعملية السياسية أولا، وتحدى تحول قطاع واسع من التيارات المدنية من حالة الاحتجاج والرفض إلى حالة البناء وتقديم البدائل والرؤى السياسية، أما التحدى الأخطر فهو دمج الإخوان على أسس جديدة بشروط الدولة المدنية والديمقراطية الحديثة وليس الجماعة السرية التى كرهها الناس. نقلاً عن جريدة " المصري اليوم "

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحديات ما بعد مرسي تحديات ما بعد مرسي



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 01:09 1970 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon