توقيت القاهرة المحلي 02:19:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تراجعنا؟

  مصر اليوم -

كيف تراجعنا

عمرو الشوبكي

حين تستمر مواجهتنا لأمريكا وإسرائيل بالهتاف والشجب والرفض، وحين يستمر الفشل العربى منذ الغزو الأمريكى للعراق فى 2003 حتى الآن فى وقف أى عدوان خارجى، تصبح أمامنا مشكلة حقيقية فى طبيعة النظم العربية الحاكمة. إن الضربة الأمريكية المرفوضة على سوريا تعكس فشلا كبيرا يتحمله النظام الحاكم فى سوريا، وفشلا آخر تتحمله العناصر الجهادية التى صُدرت إلى سوريا، وأن الحل لن يكون بالدفاع عن بشار ولا الترحيب بالضربة، إنما على الأقل فى معرفة كيف وصلنا إلى هذه الدرجة من الاستباحة، وكيف حولت نظم مثل صدام حسين ومعمر القذافى وبشار الأسد بلادها إلى طريق لدخول القوى الخارجية وهدم ما تبقى من الدول الوطنية. لقد عرف العالم العربى طوال العقود السابقة تقسيما وهميا بين نظم ممانعة فاشلة ونظم معتدلة فاشلة، أيضا صحيح أن جرائم نظام مبارك لا يمكن مقارنتها بجرائم النظم التى رفعت شعارات الممانعة ومارست قتلا وتهجيرا فى شعوبها دون أن تطلق طلقة واحدة على إسرائيل، إلا أنه من المؤكد أن مفهومى الاعتدال والممانعة يحتاجان إلى مراجعة، لأنه لا نظم الاعتدال حملت الديمقراطية والتنمية لشعوبها، ولا نظم الممانعة قاومت حقا إسرائيل. وعاش العالم العربى على مدار ما يقرب من 35 عاما فى ثنائية وهمية، بدأت بالحديث عن محور الاعتدال والواقعية الساداتى فى مواجهة محور الصمود والتصدى، الذى سُمى بعد ذلك «محور الممانعة». والمؤكد أن مشكلة الأداء المصرى طوال تلك الفترة، خاصة أثناء مبارك، ليست فى كونه لم ينتقل من معسكر السلام إلى معسكر الحرب (غير الموجود بين أى نظام عربى منذ مبادرة السادات إلى القدس عام 1977)، ولا فى تبنيه خيارات عسكرية لم يفكر فيها نظام بشار الأسد، الذى حول جيشه لأداه لقتل شعبه وليس الحرب ضد إسرائيل، إنما فى تعثره فى الاستفادة السياسية والاقتصادية من السلام الذى وقعه مع إسرائيل فى بناء نموذج تنموى حقيقى للنهضة والتقدم. ولم تفلح دعوات دول الاعتدال العربى لضبط النفس فى منع إسرائيل من أن تتراجع، ولو مرة واحدة، عن قرارها «بعدم ضبط النفس»، ولا رفض العدوان وشجبه منع أمريكا من تكراره فى أفغانستان والعراق وليبيا وسوريا. ولعل ثورات الربيع العربى كشفت أزمة كلا الطرفين، فلا المعتدلون أصبحوا معتدلين حقيقيين وحققوا التنمية والديمقراطية لشعوبهم وأثروا إقليميا ودوليا، كما كان يُنتظر منهم، ولا المتشددون حاربوا إسرائيل على سبيل السهو والخطأ منذ حرب 1973. من المؤكد أنه بعد 34 عاما على كامب ديفيد، وبعد عامين على انطلاق الثورات العربية، وبعد فشل حكم الإخوان فى مصر.. اتضح مرة أخرى أن أزمتنا فى بناء نموذج وطنى جديد لا يدافع عن نظام بشار ولا مبارك، ويبنى عالما عربيا «مصنوعا محليا»، رغم انفتاحه وتأثره بالخارج، إنما لا يكون مصنعا فى الخارج ويستورد حكامه مع البوارج الأمريكية كما يريد إخوان مصر، ولا يتصور أيضا أنه قادر على أن يستمر فى قتل شعبه دون عقاب مثل نظام سوريا. نعم.. العالم العربى فى حاجة إلى بناء نظم سياسية تبنى نموذجا ديمقراطيا وتنمويا حقيقيا، ومن داخل مبادئ الديمقراطية ودولة القانون يمكن أن يكون هناك إصلاحيون ومحافظون، ومعتدلون ومتشددون، وإسلاميون وليبراليون، يديرون خلافاتهم على أسس ديمقراطية، ومن خلال الدفاع عن مصالح الشعب، ودون أن يكون لهم أى علاقة بتجارب الفشل السابقة. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تراجعنا كيف تراجعنا



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 01:09 1970 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon