توقيت القاهرة المحلي 02:19:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الآثار الجانبية

  مصر اليوم -

الآثار الجانبية

عمرو الشوبكي

عادة ما يحرص الأطباء على أن يعطوا لمرضاهم أدوية لا تكون لها آثار جانبية، ويحاولون قدر الإمكان تلافى ما يعرف باللغة الإنجليزية بـ«saideffect» عند استخدام أى أدوية أو عقاقير طبية، صحيح هناك أنواع من الأمراض لا يكون أمام الطبيب بديل إلا أن يعطى مريضه دواء وهو يعلم بآثاره الجانبية، لأن هذا الأثر الجانبى قد يكون أقل خطورة مما لو ترك المريض دون أى دواء. والحقيقة أن حالة مصر بعد 3 يوليو شبيهة بهذا التوصيف، فالمؤكد أن حسم الدولة العميقة، وعلى رأسها الجيش، معركة السلطة فى مصر بالانحياز للشعب كان هو العلاج الوحيد الممكن لكى يشفى المجتمع من حكم الإخوان، لكنه لم يخل أيضا من آثار جانبية ستظل معنا لفترة من الوقت. ولعل أول هذه الآثار هو عودة الدولة للعمل مرة أخرى بعد أن كانت مهددة بالاختطاف أو السقوط، لكن على الطريقة القديمة، ووفق الأساليب التى لم تعرف غيرها، ودون أن تجرى على مؤسساتها أى إصلاحات، كما أن الدور الحاسم الذى لعبه الجيش فى إسقاط حكم مرسى، وبعد المرارات والتهديدات التى تعرض لها على يد حكم المرشد، جعله يتمسك مثلا باختيار المجلس الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع وليس الرئيس المنتخب، وهو أمر مستحيل أن نجده فى أى دستور ديمقراطى لبلد نامٍ أو متقدم فى العالم. صحيح أن الجيش تعرض لمحاولات فاشلة على يد مرسى وجماعته لخلخلته من الداخل وبحثوا عن وزير دفاع موالٍ للجماعة مكان وزير الدفاع الحالى ولم يجدوا وباءت كل محاولاتهم التخريبية بالفشل. ومع ذلك من الصعب أن نقبل البقاء أسرى إرث الرئيس المعزول وجماعته، فمستقبل مصر لن تصنعه جماعة محظورة مرة أخرى، والشعب المصرى قد يخطئ ويختار رئيسا فاشلا سياسيا، لكنه بالتأكيد لن يختار (ولن يسمح بوجود) رئيس يتآمر على دولته وجيشه، فإذا كانت محاولة الجماعة السرية الأكثر تنظيما فى مصر قد فشلت، فكيف نتصور أن يأتى من الأصل تيار أو رئيس وينجح فى التآمر على هذا الجيش. إن المشهد الحالى يقول إن الدولة، بمؤسساتها المختلفة وفى القلب منها المؤسسة العسكرية، فى وضع أقوى بكثير من وضع القوى السياسية الجديدة والقديمة، لأن الأثر الجانبى لسقوط مرسى ساوى إهدار نتائج 5 استحقاقات انتخابية مختلفة (برلمان واستفتاءات ورئاسة)، وهو أيضا أمر له آثارة الجانبية الأخرى التى عظمت من سلطة الإدارة وقللت من قيمة الانتخاب. المؤكد أن المشهد الديمقراطى العام فى علاقة مؤسسات الدولة بالسلطة المنتخبة عشية انتخاب البرلمان والرئيس السابق مرسى كان مشجعا، وكان يقول لنا إنه فى حال نجاح هذه السلطة الجديدة يمكن أن نبنى نظاما ديمقراطيا تخضع فيه كل مؤسسات الدولة للسلطات المنتخبة، لكن فشل الإخوان المروع وقيامهم بأسوأ عملية تدمير وتآمر على مؤسسات الدولة: القضاء والشرطة والجيش، أفشل التجربة فى بدايتها وأخر من عملية بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى تكون فيها السيادة لمن يختاره الشعب. يجب ألا نتجاهل أن هناك آثارا جانبية لسقوط حكم الإخوان المنتخب يتحملونها هم بالأساس، وأن استعادة الثقة فى المؤسسات المنتخبة ستعنى أولا بناء قوى سياسية جديدة قادرة على الدخول فى نوع من الشراكة مع الدولة لعبور المرحلة الانتقالية، دون أن يعنى ذلك التسليم بإدارة الدولة بنفس الطريقة القديمة دون إصلاح أو تغيير، إنما ستكون شراكة حقيقية هدفها إصلاح الدولة لا هدمها والتآمر عليها، كما حاول أن يفعل الإخوان، وهى فى كل الأحوال تتطلب وجود شريك مدنى وسياسى لايزال غائبا حتى الآن. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الآثار الجانبية الآثار الجانبية



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 19:08 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا والثنائيات الحرجة

GMT 19:06 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عن الصراع المتصاعد والمعنى الفلسفي

GMT 14:05 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سؤال المرحلة... أي مستقبل للمشروع الإيراني؟

GMT 14:02 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

حكومة “لا فَتَّتْ ولا غَمَّست” فلِمَ التعديل!

GMT 13:59 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

لحظات حرجة فى حياتى

GMT 13:58 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

كيف نحمى المقدرات المصرية؟

GMT 09:37 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مسافرون

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 01:09 1970 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 10:56 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها
  مصر اليوم - نصائح للعناية بالأرضيات الباركيه وتلميعها

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon