عمرو الشوبكي
هى الرحلة الأولى خارج حدود الوطن منذ حوالى 6 أشهر زرت فيها فرانكفورت وباريس والدار البيضاء، ومثلت فرصة حقيقية للتواصل مع ما يقوله العالم حول ما يجرى داخل مصر.
المحطة الأولى كانت المدينة الألمانية الصناعية فرانكفورت وبدعوة من مركز بحوث السلام وبدعم من مؤسسة السيارات الشهيرة فولكس فاجن وكان عنوانها مستقبل دول الربيع العربى.
فرانكفورت مدينة صناعية بامتياز، فإذا قررت أن تغامر أثناء الراحة بين جلسات الندوة وتخرج لتشرب القهوة «الإكسبرسو» فى أحد المقاهى المجاورة فستحتاج وقتا طويلا لتجد مقهى (رغم أن مركز الأبحاث الألمانى كان فى وسط المدينة ومجاورا لمحطة القطارات)، لأن ثقافة المقاهى الفرنسية والمصرية غير موجودة هناك، وإذا وجدت ضالتك ووجدت «المقهى الشارد» فستجد نفسك غالبا وحيدا كما جرى معى، لأن الساعة كانت الثانية ظهرا وهو ليس موعد الراحة هناك (من 12 ظهرا حتى الواحدة).
وبدأت الندوة فى التاسعة صباحا، وتحدثت فى الجلسة الأولى حول مسألة الدستور فى مصر وتحديات المرحلة الانتقالية، وكان معى أستاذ قانون فى الجامعة التونسية تحدث عن خبرة بلاده فى موضوع كتابة الدستور، والجدل الدائر هناك بين حزب النهضة الذى ينتمى لمدرسة الإخوان والتيارات المدنية.
وقد حضر اللقاء مجموعة من الدبلوماسيين والباحثين الألمان واستمعوا إلى ما قلت بخصوص المسار الحالى وتقييمى السلبى لتجربة الإخوان فى الحكم رغم ملاحظاتى على بعض جوانب المسار الحالى.
بعض الحاضرين أعطانى انطباعاً بأنه استمع لأول مرة لمضامين ما قلت، وتحدثت عن انغلاق إخوان الحكم على أنفسهم وكراهيتهم للدولة ولكل من هو خارج الجماعة، فى حين كان رد بعض الألمان: وماذا عن مؤامرات الدولة ضد الإخوان وعرقلتها لحكمهم؟
ودار نقاش طويل حول حجم مسؤولية كل طرف عما جرى فى مصر: الإخوان حملتهم المسؤولية الأولى، وقوى المعارضة المدنية حملها بعض الحضور جانباًَ من المسؤولية، ومؤسسات الدولة، خاصة الجيش، اعتبر كثير من الألمان أنه تدخل بطريقة انقلابية.
إجمالاً هناك بعض الصور النمطية عما يجرى فى مصر، وكلها تحمل الإخوان جانباً من المسؤولية، لكنها تحمل الأطراف الأخرى جانباً ربما مساوياً أو يفوق من المسؤولية.
إجمالا الغرب يبدو متحفظا على ما جرى فى 3 يوليو، ولكنه ينتظر من مصر إنجازاً على الأرض وإجراء انتخابات حرة ونزيهة ليعيد النظر فى بعض حساباته.
فنجاحنا فى الداخل هو الذى يحدد نظرة العالم لنا وليس العكس، فالفشل الداخلى لن يجعل العالم يغير رؤيته عنا ولو بمليون رسالة إعلامية وسياسية، وبالتالى فإن الحوار مع العالم الغربى أمر مهم للغابة، ولكن الأهم هو نجاح خريطة الطريق.
ولذا تبدو معركة الاستفتاء على الدستور معركة حياة أو موت بالنسبة للإخوان المسلمين فهم لن يحشدوا أنصارهم من أجل التصويت بلا (وهذا حقهم) إنما سيحشدونهم من أجل إفشال الاستفتاء وإجهاض المسار الديمقراطى بأى وسيلة كانت.
علينا أن نتوقع الأسوأ فى الأيام المقبلة لأن الاستفتاء على الدستور معناه الانتقال خطوة كبيرة نحو مغادرة المسار الانتقالى الذى لا توجد فيه سلطة واحدة منتخبة، وهذا أهم نقد يوجهه العالم لمصر، وتشككه فى نجاح خريطة الطريق وجديتها.
حملت هذه الأسئلة من فرانكفورت إلى باريس لعلنى أجد إجابة فى محطتى الثانية.
نقلاً عن "المصري اليوم"