عمرو الشوبكي
1ــ انتخاب الرئيس
من الصعب توقع توافق لجنة الخمسين حين ترى الخلفيات الفكرية والسياسية المتباينة التى جاء منها كل عضو من أعضاء اللجنة، وربما لا نبالغ إذا قلنا إن الكثيرين لم يتفاءلوا بالنتيجة فى ظل هذه التباينات، ومع ذلك فإن رحلة البحث عن التوافق لم تخلُ من صعوبات وتحديات، وكثيراً ما كانت مهددة وعلى حافة الانهيار.
ولعل الخطوة الأولى كانت فى البحث عن توافق على اسم رئيس لجنة الخمسين، وشكلت لجنة ضمت كاتب هذه السطور ود.عبدالجليل مصطفى، لاستقصاء آراء الأعضاء فى اسمى المرشحين اللذين أعلنا ترشحهما على موقع الرئاسة، وهما: الأستاذان عمرو موسى وسامح عاشور، وجاءت نتيجة استطلاعنا الداخلى بأن هناك 18 شخصا قالوا إنهم سيصوتون لعمرو موسى، و16 قالوا إنهم سيصوتون لسامح عاشور، والباقون إما لم نصل إليهم أو قالوا لم نحسم أمرنا بعد.
ودعا الأستاذ حسين عبدالرازق إلى لقاء فى حزب التجمع لمناقشة طريقة عمل اللجنة، وإمكانية التوافق على اسم الرئيس، فتحدث شباب تمرد وعبروا عن خشيتهم من أن توصف اللجنة بأنها امتداد للنظام القديم إذا انتخبت عمرو موسى، رغم أنهم أكدوا احترامهم للرجل، وأنه لم يكن جزءا من نظام مبارك منذ سنوات طويلة، إلا أن خصوم ثورة 30 يونيو واللجنة سيتهمونها بهذه التهم، فى حين اعتبر البعض الآخر أن مهارات عمرو موسى كرجل دولة وخبرته الدولية ترشحه لرئاسة اللجنة.
وفى أعقاب هذا اللقاء، عقدنا اجتماعاً فى مكتبى، ضم كلا المرشحين مع عدد من أعضاء اللجنة لعرض نتيجة «استطلاع الرأى» الذى قمنا به، ونظرا لتقارب النتيجة، فقد قررا خوض الانتخابات على موقع رئيس اللجنة، ولم أخفِ مخاوفى التى شاركنى فيها د.عبدالجليل مصطفى من حدوث ما يعكر صفوها.
وقد سار الحديث فى هذا الاجتماع فى اتجاه التأكيد على أننا لا نبحث عمن هو أفضل، ولكن نبحث عن الأنسب لهذه المهمة، وأكدت أنه لا يجب النظر إلى انتخاب أحدهما، بمعنى أنه فى المطلق أفضل من الآخر، لكننا ننتخب من هو أقدر على إنجاز المهمة وإجراء التعديلات الدستورية المطلوبة.
وجاء اليوم الأول لاجتماع اللجنة التى شهدت انتخابات ديمقراطية مشرفة، واستمر قلق كثيرٍ من الأعضاء من تداعيات الانتخابات على صورة اللجنة، خاصة أننا فى اليوم الأول من عملنا، وسرعان مازالت مخاوفنا وجرت الانتخابات بشكل راقٍ، وحقق موسى فوزا كبيرا، وحصل على 30 صوتا فى مقابل 16 صوتا لسامح عاشور، وامتناع عضوين عن التصويت.
ولعل اللافت أن آراء الشباب داخل اللجنة تجاه عمرو موسى قد تغيرت مع الممارسة، خاصة بعد أن اكتشفوا مهاراته وكفاءته فى الإدارة والتفاوض والجلد.
وعبرنا العقبة الأولى وبدأت اللجنة عملها وانتخبت مقررى اللجان الفرعية الأربعة، فكانت لجنة التواصل المجتمعى من نصيب نقيب المحامين سامح عاشور، ولجنة الحقوق والحريات من نصيب أستاذة الأدب الإنجليزى د. هدى الصدة، ومقومات الدولة للقاضى محمد عبدالسلام، مستشار شيخ الأزهر، ولجنة نظام الحكم لكاتب هذه السطور.
وبدأ العمل فى اللجان الفرعية فى اليوم التالى لانتخاب رئيس اللجنة ونوابه، وبدأنا عملنا وأمامنا دستور 2012 المعطل وتعديلات لجنة الخبراء عليه (عُرفت أيضا بلجنة العشرة)، وضمت قضاة أجلاء على قدرٍ عالٍ من الاحتراف والمهنية، وتصوراتنا على أبواب الدستور المختلفة، ووضعنا بجوارنا دساتير أخرى على سبيل الاسترشاد والاستفادة لا النسخ، كالدستور الفرنسى والبرازيلى والأمريكى وغيرها.
وبدأنا العمل الشاق داخل لجنة الخمسين ورحلة البحث عن التوافق.
نقلاً عن "المصري اليوم"