توقيت القاهرة المحلي 12:44:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المَخْرج السياسى

  مصر اليوم -

المَخْرج السياسى

عمرو الشوبكي

سؤال يطرحه كثيرون: هل هناك من مَخرج سياسى للأزمة الحالية؟ وهل يمكن إجراء مصالحة مع الإخوان؟ الإجابة الغالبة ترفض المصالحة، ولا ترى أن هناك مخرجاً سياسياً للأزمة الحالية، لأنها تتطلب حشد كل الجهود من أجل مواجهة «الجماعة الإرهابية» بالقوة والأمن. إن رفض قطاع واسع من الشعب المصرى لجماعة الإخوان وهى فى الحكم والمعارضة لم يعنِ أن أوضاعهم الاجتماعية تحسنت (رغم أنها سياسياً تحسنت دون شك)، لأن التخلص من حكم الإخوان عنى جزئياً العودة إلى بعض الأوضاع القديمة قبل 25 يناير، حتى لو كان هامش الديمقراطية والمشاركة السياسية أوسع بكثير. إن الحل السياسى لا يعنى مصالحة من قتلوا المصريين، وتآمروا على الدولة والشعب من قادة الجماعة، إنما يعنى الثقة فى أن دولة القانون قادرة على أن تعيد أنصار الجماعة (وليس بالضرورة قادتها) وجانباً من قواعدها للطريق السليم. البعض يتصور أن الحل مع العضوية العاملة فى جماعة الإخوان المسلمين هو إبادتهم (تقدَّر بما يقرب من مائة ألف عضو)، وهو أمر صادم، فالحقيقة أن الحل هو فى تفكيك البنية التى قامت عليها الجماعة السرية بالأمن والسياسة، وليس التنكيل بالأعضاء، وهذا سيتطلب عدم السماح لأى جماعة دينية بأن تعمل بالسياسة، وأن تكون لها ذراع سياسية أو أن تكون فوق الدولة وترفض أن تقنن وضعها القانونى مثلما جرى مع الدولة المصرية حين خضعت لابتزاز الإخوان. المَخرج السياسى يعنى فتح باب «التوبة السياسية»، مثلما فعل عبدالناصر مع كثير من قيادات الصف الثانى فى الجماعة، واختاروا أن يلتحقوا بمشروعه (مشروع الدولة والأمة) ويتركوا مشروع الجماعة والعشيرة، وأصبح بعضهم وزراء (الشيخ الباقورى كان وزيراً للأوقاف) فى حكومته. المَخرج السياسى لا يعنى تراخياً أو أيادى مرتعشة، أو طابوراً خامساً كما يروج البعض، لأنه لا يعنى صفقة فى الظلام، إنما يعنى ثقة فى النفس بأن دولة القانون والمؤسسات وأيدى الأمن- إذا اقتضى الأمر- قادرة على تفكيك الجماعة وحصارها سياسياً، ووضع جانب من قواعدها على الطريق الصحيح. الدمج الآمن الذى سبق أن تحدثنا عنه يعنى أننا فى دولة قانون ومؤسسات قوية وصارمة تفرض شروطها على الجميع، وتهتم بعمق المجتمع أكثر من قمته، وأن مشكلة مصر ليست أساساً فى قادة الجماعة الملاحَقين قضائياً ممن مارسوا العنف والإرهاب أو حرّضوا عليه، إنما فى أنصارها من الشعب المصرى من جيراننا فى البيت والحارة من المتعاطفين مع خطاب الشرعية. صحيح أن هؤلاء أقلية ولكنهم يعدون ببضعة ملايين، ومستحيل أن نواجههم بالأمن إنما بالحل السياسى الذى يُدخلهم فى حظيرة المعارضة السلمية والشرعية القانونية. إن المخرج السياسى يعنى تحقيق المعادلة الصعبة، وهى الحفاظ على الدولة وإصلاحها فى نفس الوقت، لأن المواجهة الأمنية فى حالات الطوارئ والإرهاب لا تساعد على إصلاح أى شىء. إن الدولة التى تخوض حرباً حقيقية ضد الإرهاب وتواجه ممارسات الجماعة العنيفة فى الشوارع والميادين لم يحدث فيها أى تغيير، فنفس الهيئات البيروقراطية التى لم تتغير منذ مبارك هى التى تدافع عن المسار الجديد فى الداخل والخارج، ونفس الإعلام الرسمى بمشاكله التى لم تُحلّ هو الذى يخوض الحرب الإعلامية دفاعاً عن النظام الجديد، ونفس الأجهزة الأمنية بطريقتها القديمة هى التى تواجه الانفلات الأمنى والإرهاب والتظاهر غير السلمى. مصر لم يصلح فيها شىء، بل ربما عادت أوضاعها إلى الوراء، ضعفت فيها الدولة ولم يقو المجتمع ولا الأحزاب، وتلك أخطر مشكلة نواجهها الآن، فلا تحمّلوا الأمن مرة أخرى أخطاء السياسة وغيابها. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المَخْرج السياسى المَخْرج السياسى



GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon