توقيت القاهرة المحلي 12:44:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مدخلات ومخرجات

  مصر اليوم -

مدخلات ومخرجات

عمرو الشوبكي

فى علم السياسة هناك حديث عن مدخلات (income) ومخرجات (outcome) لأى نظام سياسى، وتعنى تحليل طبيعة القوى الاجتماعية والسياسية الموجودة داخل المجتمع باعتبارها مدخلات ستحدد طبيعة «المخرج» (بضم الميم) أى شكل النظام السياسى. والحقيقة أن تحليل خطاب القوى السياسية عقب وصول مرسى للسلطة كان يدل على استحالة استمرار النظام الجديد، فبناء نظام ديمقراطى يتطلب حدا أدنى من التوافق المجتمعى والسياسى على قيم أساسية يتقاسمها فرقاء الساحة السياسية، ولا تجعل وصول أحدهما للسلطة تهديدا لوجود الآخرين. فحين تصف القوى المدنية حكم الإخوان بأنه احتلال وغزو وتدمير للدولة الوطنية، وحين يرى الإخوان فى القوى المدنية أنهم عملاء ومخربون ومعادون للإسلام، فهل نتوقع أن يحدث تداول للسلطة بين قوى تدير خلافاتها بهذه الطريقة؟ أم أنه فى ظل انقسام سياسى ومجتمعى يصنف فيه الناس إما كفار أو خونة يستحيل إقامة نظام ديمقراطى.؟ صحيح هناك بعض التجارب التى ساهم فيها الإطار الدستورى والقانونى الصارم والمتوافق عليه فى تهذيب الشطط السياسى، وإعادة تشكيل جانب من الأيديولوجيات الراديكالية على أسس ديمقراطية جديدة، مهما كان الانحراف الفكرى والسياسى الموجود فى بعضها، ويفرض على الجميع من خلال الممارسة السياسية تعلم احترام الديمقراطية وتداول السلطة، وهو ما لم يحدث فى عهد الإخوان حين وضعوا دستورا غير توافقى مفصلا على مقاس الجماعة، وقوانين تخدم فصيلا واحدا. والمؤكد أن حالة الاستقطاب السياسى والمجتمعى وغياب إطار دستورى وقانونى تتوافق عليه القوى السياسية كان الطريق للفشل المدوى لحكم الإخوان، فلأن الأساس (الدستور) الذى بنوا عليه المسار السياسى برمته كان معوجا وهو ما عنى أن كل طابق بنى فوق هذا الأساس سيمتلئ بالتشققات وسينهار على رؤوسنا فى يوم من الأيام، ولذا كان أفضل لنا جميعا أن نهدم الطابق الأول ومعه الأساس الذى بنى عليه، وبناء آخر جديد. والحقيقة أن التحول الذى جرى فى مصر بعد 30 يونيو كان أهم ما فيه أنه وضع أساسا جديدا لبناء نظام سياسى ديمقراطى، فهناك دستور توافق عليه أغلب الشعب المصرى، وهناك ساحة للتنافس السياسى بين قوى تتفق على قواعدها الأساسية (رغم وجود الإخوان وحلفائهم خارجها) وانتخابات رئاسية مرجح أن يكون فيها تنافس بين شخصيات تتوافق على جوهر خريطة الطريق و30 يونيو ولا تتهم بعضها بالخيانة ولا تكفر المخالفين فى الرأى ولا تهين مؤسسات الدولة وتتآمر على الجيش وتعمل على هدم القضاء والشرطة وغيرهما. التوافق الضمنى على قواعد اللعبة السياسية فى أى نظام سياسى (مدخلاته) هو شرط نجاحه (مخرجاته)، وأن لغة الخطاب ومضمونه وشكل التعبئة والحملات السياسية التى ستحكم التنافس فى الانتخابات الرئاسية القادمة هى التى ستحدد ما إذا كنا قادرين على التقدم أم لا، فلو اعتبر البعض السيسى «حكم عسكر» وتبنى العقدة المستوردة فى كراهية الجيش ولم يهتم بالنضال من أجل ضمان نزاهة الانتخابات، وعدم انحياز الدولة للمشير فلن ننتقل ولو نصف خطوة للأمام، ولو اعتبر البعض الآخر من المبايعين والمطبلين أن حمدين صباحى أجرم لأنه جرؤ وترشح فى مواجهة السيسى ويجب أن يدفع ثمن ذلك، فإننا أيضا سنهدم بيدنا مسارنا الوليد. شكل إدارة انتخابات الرئاسة ومضمون المعركة بين المتنافسين هما اللذان سيحددان فرص نجاح النظام الجديد، فإذا كانت خلافات برامج ورؤى تحت مظلة الدولة الوطنية فإننا سننجح، وإذا أعادت تكرار مشاهد شبيهة بالتى شهدناها فى انتخابات مبارك (2005) فى استهداف منافسيه، أو الانتخابات الأخيرة فى عمق الاستقطاب فإننا سنفشل مرة أخرى وستكون هذه المرة قاسمة. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مدخلات ومخرجات مدخلات ومخرجات



GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«الحياة الأبدية» لمقاتلي روسيا

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... السنجاب المحارب!

GMT 07:00 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأولوية الإسرائيلية في الحرب على لبنان

GMT 06:58 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

تثمين العقلانية السعودية

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

من ينتخب الرئيس... الشعب أم «المجمع الانتخابي»؟

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

«أرامكو» وتحوّل الطاقة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

بريطانيا: المحافظون يسجلون هدفاً رابعاً ضد «العمال»

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم التالي في واشنطن استمرارية أم انعطافة؟

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط
  مصر اليوم - وزيرا خارجية مصر وأميركا يبحثان هاتفيا الوضع في الشرق الأوسط

GMT 10:57 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى
  مصر اليوم - درّة تكشف تفاصيل دخولها لعالم الإخراج للمرة الأولى

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon