توقيت القاهرة المحلي 10:58:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العين الواحدة (1- 2)

  مصر اليوم -

العين الواحدة 1 2

عمرو الشوبكي

سافرت إلى فرنسا الأسبوع الماضى للمشاركة فى لجنة مناقشة رسالة الدكتوراة التى تقدمت بها الباحثة نادين عبدالله حول التعبئة الاجتماعية فى مصر بين المطالب الاقتصادية ومعارضة النظام، وأخذت نموذج عمال المحلة والضرائب العقارية فى الفترة من 2006 إلى 2008، وقدمت عملاً مهماً وجهداً كبيراً استحقت أن تحصل فيه على درجة مشرف جداً مع تهنئة اللجنة (والكلمتان الأخيرتان هما اللتين غير متكررتين كثيراً فى تقدير رسائل الدكتوراة الفرنسية) وهو يشبه عندنا الامتياز مع مرتبة الشرف حين كانت الأخيرة لها معنى داخل جامعاتنا فى الستينيات والسبعينيات. ولأنى كنت فى فرنسا فقد تابعت، على مدار الأيام الثلاثة التى قضيتها، معظم الصحف الفرنسية وأهم نشرات الأخبار، وكان الحدث الأهم والأبرز هو ما جرى فى أوكرانيا، واتضح حجم الانحياز الفج لفريق المعارضة فى أوكرانيا باعتبارهم ديمقراطيين وأنصار أوروبا وهو مفهوم من الناحية الثقافية والاجتماعية، ولكنه تحول إلى تجاهل شبه تام للطرف الآخر من الشعب الأوكرانى وهم الملايين المرتبطون ثقافياً واجتماعياً بروسيا. ولم تكن أوكرانيا مجرد حليف للاتحاد السوفيتى السابق مثل مصر فى الستينيات، إنما كانت جزءاً من جمهوريات الاتحاد السوفيتى وحصلت على استقلالها فى عام 1991 بعد تفككه، وظلت أسيرة معادلة إقليمية ودولية طرفاها روسيا والاتحاد الأوروبى وحافظت نخبتها الحاكمة على ولاء لروسيا يراعى الاتحاد الأوروبى حتى وصل الرئيس السابق للسلطة فواجه أوروبا وفشل فى إرضاء أغلب أبناء شعبه بسياساته الفاشلة وغير الديمقراطية، فسقط بثورة شعبية وجاءت حكومة انتقالية جديدة برئاسة أحد قيادات المعارضة وهو أرسنتى لاتسينوك. فى ظل هذه الحالة من الاستقطاب تحول قطاع واسع من النخبة الفرنسية والأوروبية إلى نصير للثورة الجديدة حتى النخبة اليمينية والمحافظة التى قضيتها الوحيدة مواجهة الأفكار اليسارية والثورية فى بلادها تبنت خطة أخرى للتصدير خارج الحدود، وفعلت العكس داخل فرنسا. ومن المفهوم أن يجمع الإعلام والنخبة السياسية على دعم تيار ديمقراطى فى مواجهة آخر استبدادى وديكتاتورى، وهو يمثل جانباً من الصورة فى أوكرانيا حيث كان رئيسها غير ديمقراطى، وفاشلاً، وبدت المعارضة أفضل منه ولو نسبياً، ولكن الصراع لم يكن فقط أو أساسا صراعا بين ديمقراطيين ومستبدين إنما بين أنصار أوروبا ومعارضيها أو بالأحرى بين مندوبى روسيا ومندوبى أوروبا فى أوكرانيا. إن انحياز الإعلام والنخبة السياسية الأوروبية للمعارضة لم يكن أساساً لأنهم ديمقراطيون يواجهون نظاماً مستبداً وفاشلاً إنما لكونهم أوروبيين ثاروا على الحكومة بعد أن رفضت الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى. فمشهد نواب المعارضة وهم يرفعون فى يوم 22 نوفمبر 2013 أعلام الاتحاد الأوروبى بعد أن رفض النظام السابق الاتفاق مع الاتحاد لترتيب انضمام الأخيرة إلى اتفاقية السوق المشتركة، وهو ما عكس بصورة واضحة طبيعة الصراع الدائر فى هذا البلد، وعلينا أن نتخيل نواباً فى البرلمان الروسى أو الفرنسى أو الأمريكى أو المصرى أو التركى (أى بلدان لديها شعور وطنى طبيعى) يرفعون أعلام دول أخرى ليس من باب التضامن الإنسانى إنما من باب الولاء والانتماء شبه الكامل. نعم حدث هذا فى بعض البلاد كألبانيا أو لبنان (قال الرئيس اللبنانى الراحل سليمان فرنجية، عشية استقباله وفد الأحزاب والقوى السياسية قبل اندلاع الحرب الأهلية فى منتصف السبعينيات: مرحبا بكم فى وطنكم الثانى لبنان)، ولكنه ليس هو المعتاد فى الأمم الكبرى أو ذات التاريخ. إن هذا الدعم الهائل وغير المسبوق الذى قدمته أوروبا ومن خلفها أمريكا لمعارضى أوكرانيا لم يكن فقط وربما أساسا دعما للديمقراطية، إنما دعم لرجال أوروبا أو أنصارها فى أوكرانيا مثلما عنونت معظم الصحف الأوروبية، على مدار الأيام الماضية، حين تحدثت عن دماء أنصار أوروبا التى سالت، وحرضت على النظام القائم بصورة ساعدت على إسقاطه، فهل اختلف إعلام العين الواحدة عن نخبة العين الواحدة.. هذا حديث الغد. نقلاً عن "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العين الواحدة 1 2 العين الواحدة 1 2



GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

GMT 08:49 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 01:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon