توقيت القاهرة المحلي 11:38:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمة المزدوجة

  مصر اليوم -

الأزمة المزدوجة

عمرو الشوبكي

معادلة ترشح المشير السيسى لرئاسة الجمهورية تقول ضمناً إن هناك أزمة حقيقية فى الأحزاب والقوى السياسية، وإن أحد أسباب شعبية الرجل القادم من المؤسسة العسكرية يرجع لعجز أحزاب ما قبل 25 يناير وما بعدها عن أن تقدم مرشحا قادرا على المنافسة والفوز. بالتأكيد هناك أسباب كثيرة وراء قوة الرجل، منها ما قام به فى 3 يوليو فى مواجهة حكم الجماعة وعدم رضا الأمريكان عنه، وهو ما ساهم فى أن يستدعى قطاع واسع من المصريين وطنية مصرية اعتبرت أنها قادرة على مواجهة كل التحديات. إن تجريف السياسة وضعف الأحزاب وتخبط النخبة وحالة تقطيع الهدوم التى أصابت التيارات والائتلافات السياسية مثّلت عاملا مهما فى أن يسقط قطاع واسع من المصريين على السيسى صورة المخلص، وتصور البعض أنه يحمل عصا سحرية قادرة على حل كل المشكلات. وإذا كانت أزمة النخبة والأحزاب سبباً وراء صعود الرجل وأحد أسرار قوته إلا أن السؤال هل يمكن له أن يحكم مثل عبدالناصر دون أحزاب وشراكة سياسية؟ الإجابة بالتأكيد لا، فمصر فى 2014 ليست كما 1952، كما أن فى الأول الشعب المصرى هو الذى قام بثورة وساندها الجيش، فى حين أن فى الأخير الجيش ممثلا فى الضباط الأحرار هو الذى قام بثورة ساندها الشعب. إن مصر فى منطقة وسط بين خيار الدولة والأحزاب، فإذا كانت الأحزاب والقوى السياسية تعانى من أزمة فإن الدولة المصرية بدورها تعانى من أزمة، فبعد حالة التجريف والتدهور التى أصابت مؤسساتها، فإن الاعتماد فقط على رجال الدولة وتجاهل دور الأحزاب سيعوق من تطور هذا البلد، وسيقضى على أى فرصة لإصلاح مؤسساته وتحديثها، كما أن رجال الأحزاب لم يستطيعوا بمفردهم أن يعبروا بالبلاد من أزمتها. صحيح أن جانباً من قوة مشروع السيسى أنه يأتى من خارج مستنقع الخلافات الحزبية والسياسية، ولكنه أيضا جزء من التحديات التى ستواجهه، لأن أدوات أى حكم أو نظام سياسى فى العالم، بما فيها النظم السلطوية، يجب أن تكون فى جانب منها أدوات سياسية وليست فقط إدارية أو أمنية. فنظام عبدالناصر كان نظاما ثوريا ولم يكن نظاما ديمقراطيا، ولكنه اعتمد على تنظيم سياسى واحد هو الاتحاد الاشتراكى، ولم يحكم فقط بالأمن والإدارة، ونفس الأمر تكرر مع السادات الذى امتلك مشروعا سياسيا مخالفا لعبدالناصر، لكنه لم يحكم فقط بالأمن والإدارة، وجاء مبارك وغابت عنه الرؤية السياسية (إلا موهبة البقاء الطويل فى الحكم)، وأضعف الأحزاب وجرّف الحياة السياسية، وفى نفس الوقت ترك دولة مأزومة عرفت انهيارات فى التعليم والصحة والأمن والإدارة. إن التركة التى ستواجه الرئيس القادم هى ضعف مؤسساتى وضعف حزبى وسياسى، تضاف إليها حالة الانقسام المجتمعى والاستقطاب السياسى منذ حكم الإخوان (وليس 3 يوليو)، وهذا تحدٍ لم يواجهه أى نظام سابق فى تاريخ مصر، فوضع مؤسسات الدولة وحال نخبتها السياسية كانا أفضل فى عهدى عبدالناصر والسادات وحتى بدايات حكم مبارك، مقارنة بالأوضاع الحالية. علينا أن نعى أن أى فراغ تتركه النخب السياسة بانقسامها وتشتتها سيملؤه تلقائيا «الطرف المنظم»، أى الجيش، وهذا ما جرى بعد الفشل المدوى لحكم الإخوان، والمطلوب أن تستعيد القوى السياسية حيويتها وتقدم برنامجا إصلاحيا حقيقيا قادرا على أن يغير فى معادلة القوة فى مصر، فيحمى الجيش الدولة والشعب، ويحافظ على أمن البلاد القومى، ويكون ضامنا لنجاح العملية السياسية، وأن يدخل الرئيس القادم القصر الرئاسى منفصلا عن جهاز الدولة، خاصة المؤسسة العسكرية، وأن يكون ضامنا لحيادهما معا. "المصري اليوم"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة المزدوجة الأزمة المزدوجة



GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

GMT 08:49 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا
  مصر اليوم - اتفاق مبدئي على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية في ليبيا

GMT 11:29 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كريم محمود عبد العزيز يصدم النساء برأيه في فيلمه الجديد
  مصر اليوم - كريم محمود عبد العزيز يصدم النساء برأيه في فيلمه الجديد

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon