توقيت القاهرة المحلي 15:46:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الخيار الأمنى

  مصر اليوم -

الخيار الأمنى

عمرو الشوبكي

علاقة الأمن بالسياسة فى مصر قديمة ومعقدة وليست بنت عصر مبارك ولا عهد مرسى، إنما عرفت حضورا اختلف فى الدرجة والحدة من مرحلة إلى أخرى، فكان هناك «البوليس السياسى» قبل ثورة يوليو وأمن الدولة بعدها، وكان فى الحالة الأولى يتحرك فى مساحة محدودة لمواجهة القوى غير الشرعية أو العنيفة، لأن الشرعى، على مشاكله، ضم أحزاب الوفد ومصر الفتاة والأحرار الدستوريين وأحزاب الأقلية، حتى جماعة الإخوان المسلمين بقيت تحظى بالشرعية لمدة تجاوزت 20 عاما، أما الثانى فكان هو جهاز أمن النظام الجمهورى الذى لعب دورا كبيرا فى مواجهة أى حركة معارضة للنظام على مدار 60 عاما. صحيح أنه فى الستينيات التف أغلب المصريين حول جمال عبدالناصر وشعروا بصدقه ونزاهته، ومع مجىء السادات ظهر تيار واسع من المصريين مؤيد لخياراته السياسية، فاعتبر السلام هو بوابة الخروج من الفقر وبداية عصر الرخاء، وفى كلتا الحالتين كانت مهمة الأمن متعارفا عليها كما كان الحال فى كل النظم غير الديمقراطية، وتقوم على أن النظام القائم مصدر الشرعية الوحيد، وأن مهمته كانت مواجهة التنظيمات «المناوئة» وليس شعبا «مناوئا» كما جرى فى عهدى مبارك ومرسى. والمؤكد أن قدرة أى نظام على اكتساب شرعية سياسية وسط الناس تخفف من الأعباء الملقاة على أجهزة الأمن، وتقلص من استخدام الحلول الأمنية، وحين تغيب أو تتآكل هذه الشرعية تصبح الحلول الأمنية هى الطريق الوحيد لملء الفراغ الذى هجرته السياسة والعمل الأهلى والنقابى، وتصبح مهمته ليس فقط ملاحقة السياسيين المحرضين على العنف أو مواجهة التنظيمات المتطرفة والخارجة على الشرعية، إنما قمع كل شىء وإعادة ترتيب كل شىء أيضا. ولذا بدا الأمر صادما أن يعود الأمن ويلعب بعض الأدوار السياسية القديمة، فليست مهمته مواجهة معارضى السيسى ولا قضيته التحريض الإعلامى على بعض النشطاء والسياسيين، إنما هى مهمة سياسيين أن يدافعوا عن مرشحهم الرئاسى، وأن يواجهوا بالفكر والكلمة خصومهم السياسيين، أما إذا أُحِلَّ الأمن مكان السياسيين كما جرى فى عهد مبارك فإن هذا يعنى أن النظام لم يعد لديه سياسيون يدافعون عنه، إنما انتهازيون ومتملقون لا يستطيعون أن يفوزوا فى أى انتخابات دون تدخل الأمن، ولا يمكنهم أن يواجهوا خصومهم إلا بالتشهير والملاحقات الأمنية. والمؤكد أنه فى كل دول العالم الخيار الأمنى هو أحد الخيارات، وقد يكون الخيار الأساسى فى حالات الإرهاب والعنف، ولكنه لم يكن أبدا الخيار الوحيد، فالأمن المهنى والمحترف مطلوب فى مصر لمواجهة الانفلات الأمنى والبلطجة والخارجين على القانون فى الشوارع والقرى، وأن المطلوب أيضا عدم اعتباره حلا وحيدا، إنما ضرورة اتباع حلول أخرى تضع الحل الأمنى فى مساره الطبيعى، أى فى مواجهة الخارجين على القانون، لا أن يحل مكان الحلول السياسية والاجتماعية والثقافية، التى غابت طوال العهدين السابق والأسبق. إن الفشل فى مواجهة نمط من الاحتجاجات السياسية والاجتماعية بالوسائل السياسية يعنى أننا لم نبدأ بعد مرحلة التحول الديمقراطى، وأننا مازلنا أسرى النظام السابق، رغم تغير الوجوه، وأن المطلوب هو مساعدة الأمن المهنى على العودة إلى كل ربوع مصر، وليس الأمن الذى يواجه سياسيين، ويعكس فشلا كبيرا تصورنا أنه ذهب بعد 25 يناير.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخيار الأمنى الخيار الأمنى



GMT 08:57 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

هل وصلت دمشق متلازمة 1979؟

GMT 08:56 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

جهتا العقل والقلب

GMT 08:55 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... ولحظة سقوط الجدار

GMT 08:54 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

مع حسّان ياسين والحُكم الرشيد

GMT 08:53 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

«زوبعة» اجتياح الخرطوم!

GMT 08:52 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

أین توجد مقبرة الملكة نفرتیتي؟

GMT 08:50 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا بحكومتين والثالثة في الطريق

GMT 08:49 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

عن الرئيس ورئاسة الجمهورية!

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:38 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر
  مصر اليوم - إطلالات أنيقة وراقية لكيت ميدلتون باللون الأحمر

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024
  مصر اليوم - الوجهات السياحية الأكثر زيارة خلال عام 2024

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 09:13 2023 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

بلماضي يعلن أن الجزائر في مرحلة بناء منتخب قوي

GMT 20:43 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسي يبحث القضايا الإقليمية مع نظيره القبرصي

GMT 02:29 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

رغدة تكشف كواليس مشاركتها في مسرحية "بودي جارد" مع عادل إمام

GMT 01:03 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

تقارير تؤكد أن لقاح كورونا يسبب العدوى أيضًا

GMT 08:57 2020 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الأسمنت في مصر اليوم الخميس 22تشرين أول /أكتوبر 2020

GMT 07:50 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الحديد في مصر اليوم الأربعاء 7 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon