بقلم - عمرو الشوبكي
عقب كل خطوة تشهدها الساحة الليبية يتفاءل البعض ويتشاءم البعض الآخر، ويبقى البعض الثالث على حاله ينظر للتغيرات والاتفاقات بسلبية لأنه سيعتبر أن مصيرها عدم التنفيذ، حتى لو تغير الأشخاص الذين يوقعون عليها والمدن التى تحتضنها.
والحقيقة أن انتخاب رئيس جديد لمجلس الدولة الليبى وهو محمد تكالة أثار نفس الردود السابقة، فقد حصل على ٦٧ صوتًا فى مقابل ٦٢ حصل عليها الرئيس السابق خالد المشرى الذى تولى المنصب منذ إبريل ٢٠١٨.
وبمجرد انتخاب «تكالة» رئيسًا للمجلس أبدى اهتمامًا خاصًّا «بتوحيد مؤسسات الدولة» واعتبر هذا الهدف، الذى رفعه تقريبًا الجميع، هدفه الأول من أجل «خلق بيئة صالحة للبناء وزرع الثقة بين الليبيين على خلاف توجهاتهم السياسية».
وأكد تكالة أن «المرحلة المقبلة ستكون مرحلة التجهيز للانتخابات التى يطمح إليها الليبيون جميعًا»، وأن المجلس فى عهده سيُفعّل «العمل على المصالحة الوطنية، بناء على بنود الاتفاق السياسى»، مشددًا على ضرورة المصالحة الوطنية «لصيانة الحقوق وجبر الضرر». واعتبر أنها «السبيل الأمثل نحو استقرار الوطن والضمان لإجراء الانتخابات والقبول بها».
صحيح أن هناك تخوفًا لدى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح من سقوط المشرى، حليفه فى مشروع التعديل الدستورى والدعوة لتشكيل حكومة موحدة وخريطة طريق، وأن ذلك سيؤثر على الملفات التى اتفق فيها الرجلان، كالمناصب السيادية والانتخابات وكيفية تمرير حكومة موحدة.
والمعروف أن الرئيس الجديد لمجلس الدولة سبق أن عارض مخرجات لجنة ٦+٦ التى تضم أعضاء من مجلس النواب ومجلس الدولة إلا أنه من الصعب أن يواجه حاليًّا هذه المخرجات بعد أن أعلن تقريبًا الجميع ترحيبهم بها وأن القوانين الانتخابية أصبحت واقعًا، خصوصًا أن البعثة الأممية تبنتها لتكون أساسًا لانطلاق مفاوضات شاملة بين كافة الأطراف السياسية والعسكرية إلى جانب مجلس الدولة والنواب.
خطوة انتخاب رئيس جديد لمجلس الدولة قد تضخ دماء جديدة فى اتجاه التفاهم على تفعيل القوانين والاتفاقات فى أرض الواقع قبل التوقيع على المزيد منها، وأن الانتخابات الليبية التى لا بديل عنها يجب أن يسبقها امتلاك آلية لفرض احترام نتائجها، خاصة أن الأسماء الأوفر حظًّا فى الفوز ليست محل توافق، ومن غير المؤكد أن تقبل المناطق والأطراف المنافسة نجاحهم دون تدخل مباشر وضغوط خشنة من المجتمع الدولى، وهو أمر لا يزال حتى اللحظة غير وارد حدوثه.
إن نجاح أى تجربة انتخابية يتطلب توافقًا على القواعد المنظمة للانتخابات وهو وارد إتمامه، أما الغائب أو التحدى فهو وجود قوى سياسية تقبل بتداول السلطة ولا تحمل مشروع إقصاء أو تمكين، ومؤسسات دولة تعمل ولو بحد أدنى من الكفاءة لتضمن تنفيذ نتائج الانتخابات فى الواقع وحماية إرادة الناخبين.
سيظل التحدى الكبير فى ليبيا ليس إجراء الانتخابات إنما ضمان احترام نتائجها.