توقيت القاهرة المحلي 11:36:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المعضلة الليبية ليست فقط داعش

  مصر اليوم -

المعضلة الليبية ليست فقط داعش

عمرو الشوبكي

تعانى ليبيا من سيطرة تنظيم داعش على مناطق كثيرة، حتى إنه مثل تهديدا حقيقيا لمشروع إعادة بناء الدولة الوطنية فى ليبيا، وأيضا لدول الجوار العربى، خاصة مصر وتونس، وأيضا يمثل خطرا على أوروبا القابعة فى شمال «الأبيض المتوسط».

وقد شهدت ليبيا منذ سقوط القذافى محاولات كثيرة لمواجهة التنظيم الإرهابى فشلت بسبب غياب الدولة وانقسام الفصائل المسلحة التى حاولت محاربته، إلى أن تبلور مشروعان فى سياقين مختلفين حاربا داعش دون أن ينتصرا عليه، وفى نفس الوقت اختلفا فيما بينهما: الأول هو مشروع الجيش الوطنى بقيادة الفريق خليفة حفتر، والثانى مشروع حكومة الوفاق الوطنى بقيادة فايز السراج.

والحقيقة أن مشروع حفتر هو صناعة محلية بالكامل، فهو خليط من صورة محسنة للقذافى مع صورة العسكرى البطل الذى يقاتل الأعداء والإرهابيين، واعتبره البعض الطبعة الليبية من تجربة السيسى فى مصر، وهو الذى قال، فى حديث نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية منذ عامين: «إن القاسم المشترك بين ما يجرى فى مصر وليبيا أن الخصم واحد، ألا وهو الإخوان، الداء والمرض الخبيث، وإن الاختلاف بين البلدين يكمن فى أن النظام فى ليبيا منهار تماما، حيث إن الجيش والشرطة مفككان، وهذه الجماعات تعلن جهارا نهارا أنها لا تريد بناء الجيش والشرطة، وإنما فقط تطبيق الشريعة الإسلامية».

وقد نجح حفتر فى إعادة بناء الجيش الوطنى الليبى الذى يُعد أكبر قوة مسلحة بالمعنى النسبى، لأنها تمثل تقريبا ثلث هذه القوة، بما يعنى أنها لا يمكن بمفردها أن تسيطر على ليبيا وتحررها من التنظيم الإرهابى دون اتفاق مع أطراف سياسية وعسكرية أخرى.

وقد نجح حفتر فى تحرير بنى غازى من سيطرة داعش العام الماضى، وأعلن- فى بدايات هذا العام- عن بدء قواته فى التحرك نحو سرت لتحريرها من التنظيم الإرهابى، إلا أنه تلقى تحذيرات شديدة اللهجة من دول غربية كبرى «هدد بعضها بضرب قواته فى حال تحركها نحو سرت»، لكى لا يغادر بنى غازى.

أما المشروع الثانى فتمثله حكومة الوفاق الوطنى بقيادة فايز السراج، والتى انبثقت من الاتفاق السياسى الليبى الموقع فى الصخيرات المغربية فى 17 ديسمبر 2015، وأشرفت عليه بعثة الأمم المتحدة بقيادة الألمانى مارتن كوبلر، وعقب إعلان تشكيل الحكومة فى يناير الماضى بدعم غربى ودولى واضح، عاد السراج إلى ليبيا عن طريق البحر وباشر أعمال حكومته من مدينة طرابلس، مدعوما من عدد من الفصائل الليبية المسلحة التى حاولت الحكومة أن تصبغ عليها صفة «الجيش».

وحققت الفصائل المسلحة الموالية لحكومة الوفاق تقدما فى سرت وبعض المناطق الأخرى فى مواجهة داعش، ولكنها بقيت على خلافها مع حفتر وقيادات الجيش الوطنى، وبدا الطرفان «كل فى طريق».

والحقيقة أن الخلاف بين الجانبين أعمق من كونه مجرد خلاف سياسى عابر، فكلاهما يمثل بنية سياسية مختلفة عن الآخر، فـ«حفتر» يقدم نفسه على أنه حامل مشروع الداخل الليبى الذى لا يرضى عنه الغرب، وأن شرعيته حصل عليها فقط من الشعب الليبى، فى حين أن حكومة السراج تقدم نفسها باعتبارها مدعومة من المجتمع الدولى ويتعامل معها خصومها على أنها صنيعته.

والحقيقة أن الانتصار على داعش وإعادة بناء الدولة الوطنية فى ليبيا لن ينجح إلا بدمج كلا المشروعين فى مشروع عسكرى واحد، وهو يستلزم من حفتر بعض المرونة والانفتاح والتخلص من أى خلط بين تجربته والقذافى، ويحتاج من حكومة السراج رهانا أكبر على الواقع المحلى وانفتاحا حقيقيا على القوى الأخرى، خاصة قوات حفتر.

لن تنتصر ليبيا على الإرهاب إلا بمشروع وطنى حداثى منفتح على العالم يدمج القوتين الرئيسيتين فى تحالف واحد حتى يمكن دحر داعش وإعادة بناء الدولة الليبية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعضلة الليبية ليست فقط داعش المعضلة الليبية ليست فقط داعش



GMT 02:14 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حوارات لبنانية

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:31 2024 الأحد ,18 آب / أغسطس

الهدنة المرتقبة

GMT 07:42 2024 الأحد ,28 تموز / يوليو

الإسقاط على «يوليو»

GMT 05:04 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 10:59 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه
  مصر اليوم - إيهاب توفيق يكشف للمرة الأولى سراً عن أشهر أغانيه

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon