بقلم - عمرو الشوبكي
أثار شريط الفيديو الذى تداولته مواقع التواصل الاجتماعى، لشاب يدعو فتاة لشرب القهوة وحين رفضت غادر المكان بأدب، جدلا فارغا لأن البعض وضع هذا الشاب فى خانة المتحرشين، وعبر عن اهتمام لافت بتوافه الأمور وصغائرها، وجعل هذه القضية تأخذ حجما كبيرا، ليس فقط على مواقع التواصل الاجتماعى، إنما أيضا فى الإعلام المرئى.
ومن المعروف أن التحرش هو اعتداء لفظى أو جسدى، وليس دعوة لشرب القهوة أو طلب تعارف (تقوم به فتيات فى بعض الأحيان) يجرى فى كل مكان فى العالم، بما فيها البلاد التى فضحت بجرأة المتحرشين.
والمؤسف أيضا أن هناك فى مصر جرائم مكتملة الأركان لتحرش فردى وجماعى، لفظى وجسدى (ونأمل أن يمر العيد على خير ولا تتكرر المشاهد المخزية فى الحدائق العامة وأمام دور العرض) لنساء من كل الأعمار، ولم يقم بعض إعلاميينا الفارغين بالاهتمام بهن ولا الحديث عنهن، ربما لأن مشاكلهن تعبر عن معاناة حقيقية لفتيات وسيدات من كل الأعمار، فى حين تعود هؤلاء على الاهتمام بكل ما هو سطحى ومتصنع وتافه.
نعم التحرش موجود فى مصر وبنسب مرتفعة ومخجلة ولكنه لا يمكن وضع شاب يدعو فتاة لاصطحابها إلى مقهى بأنه تحرش، ونترك من يؤذون الفتيات بألفاظ بذيئة ويضغطون بإلحاح لزج لينالوا منهن بصورة تصل إلى اعتداء جسدى فى الشوارع، دون أن تثير هذه الجرائم اهتمام الإعلام، وأحيانا مواقع التواصل الاجتماعى!!.
شاب التجمع الخامس لا يمكن وصفه بالمتحرش ويمكن أن نقول إنه ليس بهذه الطريقة تتعرف على فتاة، مع أن هذا ليس رأى قطاع واسع من الأجيال الشابة اعتاد فيه الشباب أن يتعرفوا على فتيات بالكلام معهن فى نادٍ أو مقهى أو جامعة أو فى حفلة، وأحيانا وبكل أسف فى الشارع.
فرق أن تقول على شخص إنه سيئ السلوك أو متجاوز أو عصبى، وبين أن تتهمه بارتكاب جريمة مثل التحرش، فالسلوك الشخصى الذى لا يعجبك يساوى الابتعاد عن الشخص، أما الجريمة فتتطلب ردعا قانونيا، وقد يرى البعض أن هذا الشاب سيئ السلوك ولكنه لم يرتكب جريمة التحرش اللفظى بأى صورة من الصور.
لقد ترك للأسف بعضنا جرائم التحرش الحقيقية ومسك فى توافه الأمور وفى شاب دعا فتاة لمقهى فرفضت فانتهى الموضوع إلا عند الفارغين.
أتمنى أن نواجه التحرش الحقيقى الذى يجرى يوميا فى المجتمع المصرى ولا يمتلك ضحاياه نفس الرغبة فى حب الشهرة الفارغة ولا القدرة على الوصول للإعلام فلا نعرف عن ضحاياه الكثير، اهتموا بهؤلاء ودافعوا عنهن وافضحوا من يتحرشون بهن واتركوا مروجى القضايا الزائفة.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع