توقيت القاهرة المحلي 11:47:29 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجزائر وملء الفراغات

  مصر اليوم -

الجزائر وملء الفراغات

بقلم: عمرو الشوبكي

رفض المحتجون فى الجزائر ما قدمته السلطة بعدم ترشح بوتفليقة والدعوة إلى عقد مؤتمر وطنى يضم كل الأطياف السياسية المختلفة، حين رفعوا شعارات الرحيل الكامل لكل أركان النظام.
وإذا كان من الوارد أن توجد شلل سياسية تستدعى من متاحف التاريخ نظريات الثورة الدائمة، التى قالها سياسى واحد فى تاريخنا المعاصر «تروتسكى»، فاللافت هو تبارى قوى وصحف كانت محسوبة على النظام فى ترديد كلام مشابه، ورفض مبادراته الإصلاحية، فقد صرح رئيس وزراء الجزائر الأسبق، أحمد بن بيتور، قائلاً: «لا يمكن للنظام أن يكون طرفاً فى تسيير المرحلة الانتقالية»، وكرر المرشح الرئاسى الخاسر، رئيس الوزراء السابق، على بن فليس، أن حزب «طلائع الحريات»، الذى يترأسه، سيقاطع الندوة الوطنية، وهو كلام يُذكِّرنا بمفردات التطرف الثورى، التى رفضت كل البدائل التى قُدمت من داخل نظام أو دولة مبارك، «الراحل عمر سليمان وأحمد شفيق وعمرو موسى»، فكانت النتيجة فراغات ملأها الإخوان.
صحيح أن معادلة الجزائر غير مطروح فيها حالياً أى بديل إخوانى، إنما البديل العسكرى هو الأقرب فى حال الاستمرار فى ممارسات الفشل هذه، التى ستخلق- عقب تفكيك جزء من النظام القديم- فراغاً مؤسسياً وسياسياً لن يملأه إلا الجيش.
معادلة ملء الفراغات التى تحدث فى العلوم الطبيعية والاجتماعية بسيطة وغير معقدة، فهناك فى الجزائر حزب حاكم له تاريخ نضالى ووطنى حقيقى، وهو «جبهة التحرير»، الذى يضم الكثير من المجاهدين الذين حاربوا الاستعمار الفرنسى، وحين بقى فى السلطة لأكثر من نصف القرن تحول إلى حزب السلطة أو إدارة سلطوية، تضم المخلصين والانتهازيين وشبكات مصالح مؤثرة وممتدة، كما ظل هناك ما يسميه الجزائريون «الصندوق الأسود»، الذى يحكم البلاد من وراء الكواليس، ويضم الأجهزة الأمنية وقادة الجيش والمخابرات، ولكنهم تمسكوا بالواجهة المدنية، التى تضم الرئيس والحكومة والحزب الحاكم، والمطلوب توسيع صلاحيات هذه الواجهة وإصلاحها لا إقصاؤها أو تقليص دورها.
فى مواجهه معادلة الحكم هذه، هناك أحزاب معارضة ضعيفة ومنقسمة ولا يثق فيها الشارع، وليست لها علاقة تُذكر بالحراك الشعبى، ويصبح السؤال: لو تم تفكيك معادلة الحكم شبه المدنية الحالية، وأُقصى الحزب الحاكم وكل قادة النظام القديم، «على طريقة امسك فلول»، فمَن سيحل مكانهم ومَن سيملأ الفراغ؟.
إذا كانت المعارضة ضعيفة وحزب مجتمع السلم «إخوان الجزائر» الأقوى نسبياً يعلم أن معادلة الحكم والشعب والإقليم لا تسمح له بالوصول للسلطة، وهو لا يسعى لها فى الوقت الحالى، فمَن سيحل مكان مَن ترفض المعارضة الضعيفة والشارع المشتعل مشاركتهم، أى السلطة ورجال دولة «بوتفليقة»؟.
المؤكد أن مَن سيحل مكانهم المؤسسة العسكرية، فبعد أن بدأت الاتهامات بين النخب الجزائرية وفتح عالم التواصل الاجتماعى الباب أمام سيل من المزايدات المتبادلة والدعاوى الإقصائية، مع الوقت سيفقد الشارع ثقته فى نخبه السياسية والحزبية، وسيبحث حتماً عن رجل النظام العام القوى القادم من الجيش ليخلص البلاد من كل هذه المشاهد العبثية، عندها سيعرف المزايدون «وثوار ما بعد الثورة» أى كارثة وضعوا البلاد فيها.
على قوى الحراك الشعبى والنخب المستنيرة العاقلة فى الجزائر، «وهم مازالوا كثراً»، أن يقبلوا بالمشاركة فى الندوة الوطنية، وأن يكونوا جزءاً نقدياً من مبادرة السلطة للإصلاح، لأن التنافس بين حزب حاكم حتى لو أصبح حزب سلطة فى ظل دولة قانون وانتقال ديمقراطى يعنى تخليه فى الممارسة عن جوانبه السلطوية لصالح أصوله السياسية والحزبية، ويعنى أيضاً دفع أحزاب المعارضة لكى تطور من أدواتها وتبنى قاعدة شعبية من خلال منافسة كيان موجود، أى الحزب الحاكم، أما إقصاؤه ومقاطعته فسيُبقى المعارضة ضعيفة كما هى، وسيُضعف السلطة الحاكمة، فاتحاً الباب أمام حكم مباشر للمؤسسة العسكرية والدولة العميقة.

نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجزائر وملء الفراغات الجزائر وملء الفراغات



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:47 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

أشرف عبد الباقي يكشف أسباب ابتعاده عن السينما
  مصر اليوم - أشرف عبد الباقي يكشف أسباب ابتعاده عن السينما

GMT 05:22 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

حجب منصة “إكس” في البرازيل للمرة الثانية
  مصر اليوم - حجب منصة “إكس” في البرازيل للمرة الثانية

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري

GMT 12:56 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

Snapchat سيتيح للمستخدمين قريبا تغيير "اسم المستخدم" الخاص بهم

GMT 06:41 2021 السبت ,19 حزيران / يونيو

الأرجنتين يتخطى عقبة أوروجواي بهدف نظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon