توقيت القاهرة المحلي 15:46:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الجزائر وملء الفراغات

  مصر اليوم -

الجزائر وملء الفراغات

بقلم: عمرو الشوبكي

رفض المحتجون فى الجزائر ما قدمته السلطة بعدم ترشح بوتفليقة والدعوة إلى عقد مؤتمر وطنى يضم كل الأطياف السياسية المختلفة، حين رفعوا شعارات الرحيل الكامل لكل أركان النظام.
وإذا كان من الوارد أن توجد شلل سياسية تستدعى من متاحف التاريخ نظريات الثورة الدائمة، التى قالها سياسى واحد فى تاريخنا المعاصر «تروتسكى»، فاللافت هو تبارى قوى وصحف كانت محسوبة على النظام فى ترديد كلام مشابه، ورفض مبادراته الإصلاحية، فقد صرح رئيس وزراء الجزائر الأسبق، أحمد بن بيتور، قائلاً: «لا يمكن للنظام أن يكون طرفاً فى تسيير المرحلة الانتقالية»، وكرر المرشح الرئاسى الخاسر، رئيس الوزراء السابق، على بن فليس، أن حزب «طلائع الحريات»، الذى يترأسه، سيقاطع الندوة الوطنية، وهو كلام يُذكِّرنا بمفردات التطرف الثورى، التى رفضت كل البدائل التى قُدمت من داخل نظام أو دولة مبارك، «الراحل عمر سليمان وأحمد شفيق وعمرو موسى»، فكانت النتيجة فراغات ملأها الإخوان.
صحيح أن معادلة الجزائر غير مطروح فيها حالياً أى بديل إخوانى، إنما البديل العسكرى هو الأقرب فى حال الاستمرار فى ممارسات الفشل هذه، التى ستخلق- عقب تفكيك جزء من النظام القديم- فراغاً مؤسسياً وسياسياً لن يملأه إلا الجيش.
معادلة ملء الفراغات التى تحدث فى العلوم الطبيعية والاجتماعية بسيطة وغير معقدة، فهناك فى الجزائر حزب حاكم له تاريخ نضالى ووطنى حقيقى، وهو «جبهة التحرير»، الذى يضم الكثير من المجاهدين الذين حاربوا الاستعمار الفرنسى، وحين بقى فى السلطة لأكثر من نصف القرن تحول إلى حزب السلطة أو إدارة سلطوية، تضم المخلصين والانتهازيين وشبكات مصالح مؤثرة وممتدة، كما ظل هناك ما يسميه الجزائريون «الصندوق الأسود»، الذى يحكم البلاد من وراء الكواليس، ويضم الأجهزة الأمنية وقادة الجيش والمخابرات، ولكنهم تمسكوا بالواجهة المدنية، التى تضم الرئيس والحكومة والحزب الحاكم، والمطلوب توسيع صلاحيات هذه الواجهة وإصلاحها لا إقصاؤها أو تقليص دورها.
فى مواجهه معادلة الحكم هذه، هناك أحزاب معارضة ضعيفة ومنقسمة ولا يثق فيها الشارع، وليست لها علاقة تُذكر بالحراك الشعبى، ويصبح السؤال: لو تم تفكيك معادلة الحكم شبه المدنية الحالية، وأُقصى الحزب الحاكم وكل قادة النظام القديم، «على طريقة امسك فلول»، فمَن سيحل مكانهم ومَن سيملأ الفراغ؟.
إذا كانت المعارضة ضعيفة وحزب مجتمع السلم «إخوان الجزائر» الأقوى نسبياً يعلم أن معادلة الحكم والشعب والإقليم لا تسمح له بالوصول للسلطة، وهو لا يسعى لها فى الوقت الحالى، فمَن سيحل مكان مَن ترفض المعارضة الضعيفة والشارع المشتعل مشاركتهم، أى السلطة ورجال دولة «بوتفليقة»؟.
المؤكد أن مَن سيحل مكانهم المؤسسة العسكرية، فبعد أن بدأت الاتهامات بين النخب الجزائرية وفتح عالم التواصل الاجتماعى الباب أمام سيل من المزايدات المتبادلة والدعاوى الإقصائية، مع الوقت سيفقد الشارع ثقته فى نخبه السياسية والحزبية، وسيبحث حتماً عن رجل النظام العام القوى القادم من الجيش ليخلص البلاد من كل هذه المشاهد العبثية، عندها سيعرف المزايدون «وثوار ما بعد الثورة» أى كارثة وضعوا البلاد فيها.
على قوى الحراك الشعبى والنخب المستنيرة العاقلة فى الجزائر، «وهم مازالوا كثراً»، أن يقبلوا بالمشاركة فى الندوة الوطنية، وأن يكونوا جزءاً نقدياً من مبادرة السلطة للإصلاح، لأن التنافس بين حزب حاكم حتى لو أصبح حزب سلطة فى ظل دولة قانون وانتقال ديمقراطى يعنى تخليه فى الممارسة عن جوانبه السلطوية لصالح أصوله السياسية والحزبية، ويعنى أيضاً دفع أحزاب المعارضة لكى تطور من أدواتها وتبنى قاعدة شعبية من خلال منافسة كيان موجود، أى الحزب الحاكم، أما إقصاؤه ومقاطعته فسيُبقى المعارضة ضعيفة كما هى، وسيُضعف السلطة الحاكمة، فاتحاً الباب أمام حكم مباشر للمؤسسة العسكرية والدولة العميقة.

نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجزائر وملء الفراغات الجزائر وملء الفراغات



GMT 08:51 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

أين نحن من المفاوضات الدولية مع إيران؟

GMT 08:50 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

المعرفة التي قتلت لقمان سليم

GMT 08:46 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

لقمان سليم وتوحش النظام الإيراني

GMT 08:44 2021 الأحد ,07 شباط / فبراير

4 مليارات ثمن 12 بيضة

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:00 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني
  مصر اليوم - مندوب مصر في مجلس الأمن نواصل جهودنا لدعم الشعب السوداني

GMT 13:30 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته
  مصر اليوم - تامر حسني يحقق حلم محمد رحيم بعد وفاته

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 16:22 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

جماهير تطلب فتح المدرج الشرقي في مواجهة بوركينا

GMT 11:58 2024 الخميس ,06 حزيران / يونيو

أفضل فساتين الخطوبة للمحجبات

GMT 00:10 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال بقوة 5 درجات يضرب ألاسكا الأميركية

GMT 08:42 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير شئون «النواب» يناقش تطورات مجال حقوق الانسان في مصر

GMT 12:54 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

الفنانة يارا تفاجئ جمهورها علي تطبيق "سناب شات

GMT 03:31 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

فيل يبتكر طريقة ذكية ليتناول طعامه من فوق شجرة

GMT 13:03 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

فولكس فاجن تكشف عن أسعار أيقونتها Passat موديل 2020

GMT 17:41 2019 الإثنين ,28 كانون الثاني / يناير

الفنانة مريم حسن تتعاقد على بطولة مسلسل "أبو جبل"

GMT 23:17 2019 السبت ,19 كانون الثاني / يناير

دورة تحكيم في جمباز الأيروبيك بالاتحاد الدولي للجمباز

GMT 16:26 2019 الثلاثاء ,15 كانون الثاني / يناير

دراسة تؤكّد أن الهاتف المحمول أقذر بـ7 أضعاف من مقعد المرحاض

GMT 04:58 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد تستعد لأول مسلسل مع خطيبها الفنان أحمد فهمي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon