بقلم-عمرو الشوبكي
أثارت الإشارة التى ذكرها ولى العهد السعودى محمد بن سلمان فى مؤتمر مستقبل الاستثمار بخصوص قوة الاقتصاد القطرى تكهنات كثيرة، تماما مثلما أثار تعليقه على متانة العلاقات التركية- السعودية جدلا واسعا.
واعتبر البعض هذه التصريحات مؤشرا على أن السعودية قد تضطر تحت وطأة الضغوط الإعلامية والسياسية إلى إعادة رسم تحالفاتها فى المنطقة وتقديم تنازلات للحلف القطرى التركى وذراعهم الإخوانى.
إن أول رد على الضغوط التى تستهدف السعودية هو الإعلان الشفاف عن نتائج التحقيق فى مقتل خاشقجى وتحديد المسؤول الحقيقى عن إصدار الأوامر فى ارتكاب تلك الجريمة البشعة، ومحاسبته مهما علا شأنه لأن الحفاظ على الوطن وعدم قبول استباحته أو ابتزازه أهم من أى شخص.
أما فى حال تمسكت السعودية بروايتها ونسى العالم مع الوقت القضية، واكتفى بمعاقبه منفذى الجريمة، فإن تمرير ذلك سيكون له تبعات سياسية، أهمها تقديم تنازلات لقطر وتركيا، وإعادة فتح القنوات شبه المغلقة مع الإخوان المسلمين، والسؤال الذى يجب أن تفكر فيه مصر: ما الذى ستفعله فى حال غيرت السعودية تحالفاتها أو تغيرت معادلات الحكم وإداراته؟
الحقيقة أن مصر فى حاجة إلى تحديد خلافها مع قطر وتركيا، فليست قضيتها محاربة «الإخوانية العالمية» على طريقة الولايات المتحدة مع الشيوعية العالمية فى ستينيات القرن الماضى، إنما قضيتها مع تنظيم الإخوان فى مصر وليس النموذج التركى داخل حدوده. يمكن لمصر أن تحتفظ بعلاقات عادية مع تركيا بشروط واضحة، أبرزها عدم قبول التدخل فى الشأن الداخلى المصرى، وإذا كان بيت الرئيس التركى من زجاج فعليه ألا يقذف الآخرين بالطوب (حتى لو كان فى وضع اقتصادى أفضل من مصر)، فهو يحكم تركيا منذ 16 عاما وسيبقى 10 سنوات أخرى وفق الدستور الجديد، وفى بلده أعلى نسب اعتقال للصحفيين فى العالم.
والمطلوب ألا تقبل مصر بتدخلات الآخرين فى شؤونها الداخلية لأنها عمليا لا تدخل فى شؤونهم، وعليها أن تعرف نقاط ضعفهم لترد عليهم دفاعا لا هجوما.
أما قطر فمشكلتها أكبر من تركيا لأنها دويلة صغير مارست وتمارس تحريضا ضد الشعب المصرى، ودعمت عناصر إرهابية فى ليبيا وصل صداها لمصر، وهذا أمر يجب وقفه، أما توجهاتها السياسية أو تحالفاتها المتناقضة مع حماس وإسرائيل، مع تركيا وإيران، ومع سنة لبنان وحزب الله، فكل هذا لا يخصنا. إذا استطاعت مصر أن تحدد خطوطها الحمراء وهى تتعامل مع تركيا وقطر بدلا من باب الشتائم والكلام الأهبل الذى يروجه كثير من الإعلاميين برضا حكومى للأسف، وإذا قدمت خطابا سياسيا متماسكا، فإن ذلك سيعنى إجراءها إصلاحات داخلية تكون قادرة على التعامل مع أى تغيرات إقليمية.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع