بقلم - عمرو الشوبكي
تلقيت رسالة من الدكتور جلال شمس الدين، الباحث فى التاريخ وعلم اللغويات، حول أهمية منع أى حرب محتملة بين «العرب والفرس»، وجاء فيها:
ظلت دولة ساسان (الفرس) منافسا مستديما للدولة البيزنطية (دولة الروم) منذ القرن الثالث الميلادى، ويعلل ويلز المؤرخ وفيلسوف التاريخٍ الاضطراب والدمار الذى ساد بآسيا الصغرى ومصر بالمنافسة المستديمة التى سادت بين هاتين الدولتين، مع أن هذه الأقطار كانت تعيش فى حضارة وثراء، وأرجع ويلز سبب العداء إلى التعصب الدينى والصراع العرقى، نتيجة رغبة كل عرق منهما فى السيادة على الآخر لأسباب شوفينية. والتمس قادة البلدين عون الهيئات الدينية لاستخدامها فى أخذ إرادة الناس والهيمنة عليها، ولذا لم يكد القرن الرابع يشارف نهايته حتى كانت كل من الدولتين إما فى حرب مع الدولة الأخرى أو على الأقل تعد العُدّة لشن الحرب عليها.. علما بأن كلتا الدولتين كانت عرضة لهجوم برابرة الشرق، وهم المغول والتتار، وبرابرة الغرب، وهم القوط والوندال وغيرهما من الشعوب المجاورة التى كانت تتحين الفرصة لتقضى عليهما، حتى انهارتا فعلا تحت ضربات هذه الشعوب بعد أن كانتا دولتين عظيميين.
ولكن لماذا نحكى هذه الحكاية الطويلة بعض الشىء؟.. لأن التاريخ يكاد يعيد نفسه مع قليل من التغيير؛ فالمطلوب الآن هو إشعال النيران فى الشرق الأوسط؛ فدولة الفرس تبقى كما هى، أما دولة الروم فيحل العرب محلها؛ وتوجد أسباب الكراهية والحقد بين الفريقين، وهو ما يقوم به بنشاطٍ بومبيو وزير خارجية الولايات المتحدة هذه الأيام؛ وهكذا تصبح الحرب وما يتلوها من دمار وخراب مرشحة لأن تنشأ بين إيران والعرب، ليُجهِز كل فريق على الفريق الآخر على قدر الإمكان. كل ذلك حتى تنعم إسرائيل بالأمن والأمان، مع أنها تستطيع أن تحصل على الأمان والسلام بمجرد تنفيذها قرارات الأمم المتحدة بدلا من اللصوصية والغطرسة وإحراق المنطقة كلها بما فيها إسرائيل ذاتها.
أما أهم أسباب العداء الممكنة لإشعال النار بين أى بلدين، فهى إما أسباب عرقية أو مذهبية طائفية، فالإيرانيون أغلبهم من الشيعة، أما العرب فأغلبهم من السنة، وكل فريق يرى أن معتقده هو الأفضل بسبب وجود عداء قديم معروف بين الشيعة والسنة.
ولو افترضنا جدلا أن هاتين الدولتين، أى إيران والعرب، عقدتا أوثق أواصر المحبة والتحالف بينهما، واستبعدتا التفاضل العرقى والدينى- وكل ذلك ممكن- ألن تستطيعا بذلك أن تصبحا (مع مصر) قوة تحسبها إسرائيل وأمريكا، ويمكن حل القضية الفلسطينية دون أن تراق قطرة دم واحدة بتفعيل القرارات التى تدوسها إسرائيل بحذائها؟.. ألا يمكن للعرب وإيران أن يُعملا العقل ولا يسيرا بغباء وراء القوى الشريرة المحركة لهما إلى الهلاك؟ ألا يعرفان أن هذه القوى مستعدة لتسليح الفريقين فى وقت واحد حتى يُفنِى كل منهما الآخر؟!
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع