بقلم - عمرو الشوبكي
فجأة ودون سابق إنذار ظهرت حركة شعبية بلا زعيم ولا قائد وترفض الأحزاب والنقابات، ونزلت للشارع فى 2000 موقع على امتداد فرنسا، أمس الأول السبت، وكان ذلك موعد ذهابى لمطار شارل ديجول للعودة إلى القاهرة، حيث شاهدت بالصوت والصورة أحداث يوم استثنائى.
ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعى حركة أطلقت على نفسها Gilets Jaunes (القمصان الصفراء)، ودعت للاحتجاج والتظاهر احتجاجا على رفع سعر البنزين، وعلى طريقة الحكومة الاستعلائية فى التعامل مع الشعب، وطالبوا الرئيس ماكرون بالاستقالة وهاجموا فشل الأحزاب والحكومة وتجاهلها لمطالب الشعب، وقالوا «نشعر أننا أقل من لا شىء».
وقد خرج مئات الآلاف من الفرنسيين إلى الشوارع أغلبهم كان على أقدامه والبعض الآخر قاد دراجات بخارية مرتدياً القمصان الصفراء والبعض الثالث تحرك بسيارته ووضع عليها قميصا أصفر حتى يسمح له بالمرور والتحرك فى الشوارع الفرنسية.
رفع المتظاهرون شعارات «وحدوا الشعب» وهتفوا ضد رموز الدولة من «الرئيس إلى الغفير»، ورفضوا كل الأطر المؤسسية حتى وصفوا بالفوضويين، ومع ذلك غطى الإعلام الفرنسى بمختلف قنواته الحدث وأسمع صوت المحتجين لباقى الشعب.
وقد بلغ عدد المتظاهرين وفق أرقام بعد ظهر السبت حوالى 200 ألف متظاهر ولا توجد فروقات كبيرة فى تقدير أعداد المتظاهرين بين الشرطة والمتظاهرين، كما أن الأولى لم تصفهم بالمخربين والعملاء ولا النقابات قالت إن هناك ملايين فى الشوارع ترفع شعارات الثورة وستسقط النظام.
ورغم أن الاحتجاجات كانت سلمية إلا أنها أدت لوفاة متظاهرة صدمتها سيارة تقودها أم تحمل طفلها للمستشفى بشكل لا شعورى، كما أصيب حوالى 50 شخصا بينهم 3 فى حالة خطرة.
القانون فى فرنسا ينص على حق التظاهر بإخطار، بل إن الدولة تتساهل مع المظاهرات غير المرخصة.
تدخلت الشرطة لضمان وجود حارة واحدة تمر منها السيارات على الطرق السريعة، وهو ما سمح لى بالوصول فى اللحظات الأخيرة للمطار، كما حشدت رجالها على طوال الشوارع المؤدية لقصر الرئاسة (الإليزيه) وخاصة شارع «الشانزليزيه» لمنع أى محاولة للاقتراب من القصر الرئاسى.
وكما ذكر وزير الداخلية الفرنسية أن حق التظاهر مضمون دستوريا وقانونيا تماما مثل حق التنقل، بما يعنى رفض محاولات قطع الطرق والمتاريس التى وضعها بعض المتظاهرين.
يبقى من المهم دلالة هذا النوع من الاحتجاجات فى بلد ديمقراطى ليس فيه أى قيود على عمل الأحزاب والنقابات، ومع ذلك رفع المحتجون شعار السلطة للشعب، وطالبوا بحل البرلمان واستقالة الرئيس وهى رسائل تحتاج لكثير من التأمل والتفكير.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع