بقلم - عمرو الشوبكي
مدهش هذا الحديث الذى يصر فى كل مرة يسقط فيها شهداء أقباط ضحايا للعنف والإرهاب أن يكرر جملة: «أن مصر هى المستهدفة» صحيح أن الإرهاب يستهدف مصر كلها، ولكنه يستهدف فئات بعينها أكثر من غيرها، كالجيش والشرطة، وأيضا الأقباط. نعم الأقباط مستهدفون أكثر من غيرهم ولا يجب أن نخفى هذا الأمر ونزيد الأقباط إحساسا بالعزلة أو الاستهانة بمشاعرهم، صحيح أن الإرهاب يستهدف مصر كلها، إلا إنه حين يستهدف الأقباط (كما يفعل مع فئات أخرى) عينه على استهداف البلد كله، ولا أفهم سببا واحدا أن نقول العكس أو نضع استهداف مصر فى تعارض مع خصوصية وضع الأقباط واستهداف داعش لهم.
والمرعب الذى يصر الكثيرون على تجاهله أن الأقباط أصبحوا مستهدفين أكثر من أى وقت مضى لأنه أضيفت لأول مرة أسباب سياسية بجانب الدوافع الطائفية، فقد صنفوا ظلما بأنهم ذراع للنظام أو معاونون له.
والواضح أن هناك مسارين لاستهداف الأقباط فى مصر الأولى طائفى نتيجة التعصب والجهل والطائفية فنجده يتمثل فى رفض بناء كنائس أو منع المسيحيين من الصلاة أو الاعتداء على بيوتهم كما تكرر فى المنيا وغيرها، وهنا نحتاج لتجديد الخطاب الدينى ودور للأزهر ومجتمع حى يترك له حق المبادرة ومحاربة التعصب.
أما المسار الثانى فهو مسار الانتقام السياسى والطائفى الذى كرسه داعش مؤخرا منذ أن بث شريطة الشهير منذ ما يقرب من عامين (بثته قناة سكاى نيوز عربية) وأعلن استهداف المسيحيين دون أن يشير لمفاهيم أهل الذمة التى تبنتها الجماعات الجهادية فى سبعينيات القرن الماضى، بل تعامل معهم باعتبارهم فئة سياسية باغية قبل أن يكونوا طائفة دينية يجب اضطهادها، ووضعهم فى نفس مرتبه النظم التى يحاربونها ويصفونها بالنظم الطاغوتية أو المرتدة، بل إن بيان داعش الأخير عقب العملية الإرهابية الأخيرة وصف المسيحيين زورا وبهتانا بأنهم جماعة معاونة للنظام وتوعدهم بالثأر. هذا الكلام ليس فقط مغلوطا إنما أيضا يلوى حقائق الواقع ويزورها لأن المسيحيين ليسوا جماعة حكم، كما أنهم ليسوا جميعا مؤيدين للحكم الحالى حتى لو كان الخوف من استهدافهم من قبل العناصر الإرهابية أحد الأسباب الرئيسية وراء دعم تيار منهم للحكومة.
علينا أن نفتح ملف الأسباب السياسية للإرهاب لا من أجل تبريره كما يروج البعض إنما لامتلاك رؤية مضادة ليس مهمتها إقناع الإرهابيين بأن يتراجعوا عن أفكارهم المتطرفة إنما تفكيك البيئة الحاضنة للإرهاب ومنع آلاف الشباب من الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية وممارسة العنف ضد الأقباط، وذلك بامتلاك دعاية مضادة لدعاية التحريض والانتقام السياسى التى تروج كل يوم على المواقع المتطرفة ضد الأقباط.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع