بقلم - عمرو الشوبكي
عادة ما تُطرح فى أى لقاء دولى قضايانا العربية، حتى لو ارتدت ثوب جنوب المتوسط، أو اقتصر الحضور على الأوروبيين من شمال المتوسط وليس باقى الدول المتقدمة من أمريكا حتى الصين.
المؤتمر السنوى لشبكة اليوروميسكو، التى تضم 106 مراكز أبحاث وفكر، يعتبر مركز الأهرام أحد مؤسسى هذه الشبكة، وانضم إليها أيضا من مصر المجلس المصرى للشؤون الخارجية، وفى فترة سابقة المركز الإقليمى ومنتدى البدائل العربى، بجانب حضور مكثف لكثير من دبلوماسيينا وسفرائنا الكبار مع نظراء لهم فى أوروبا وباقى دول الجنوب.
قضايانا الكبرى، مثل القضية الفلسطينية والحرب السورية، كان الحديث عن الأولى يؤكد أنه لا حل فى الأفق المنظور، فلايزال من وجهة نظر الأوروبيين أن حل الدولتين هو الحل الأكثر منطقية، ولديه شرعية دولية وأممية، ولكنه عملياً بات شبه مستحيل تنفيذه على الأرض بسبب سياسة الاستيطان الإسرائيلية التى قطعت أوصال الضفة الغربية وقسمتها، أما حل الدولة الواحدة الذى طرحته حركات التحرر الوطنى العربية بقيادة عبدالناصر فى ستينيات القرن الماضى، فتوازن القوى الذى بات فى صالح إسرائيل لا يسمح بتطبيقه على أرض الواقع حتى لو كان حلا أكثر إنسانية وعدلا من أى حلول أخرى، كما أن إسرائيل أغلقت هذا الحل «بالضبة والمفتاح» حين أعلنت أنها دولة يهودية وليست دولة مدنية.
أما الحرب السورية فهناك اعتراف أراح الأوروبيين، وهو انتصار بشار الأسد، فقد جلست على الغداء مع السفير الفرنسى السابق (من أصول سورية) فى سوريا، بحضور أحد سفرائنا المحترمين(إيهاب بدوى)، وحسم الأول بشكل قاطع انتصار النظام السورى وثقته فى أنه مستمر، وذلك فى معرض تعليقى على أن طبيعة نظام مثل الأسد قادر على الانتصار فى المعارك الحربية الكبرى بجيشه النظامى وبشعاراته الوطنية وحربه على الإرهاب، لكنه سيواجه صعوبات كبيرة فى «المعارك الصغرى»: التنمية الاقتصادية، إعادة التعمير، التجانس المجتمعى، وقال إن الوضع الاقتصادى فى سوريا جيد، ولديهم موارد تأتى من أماكن كثيرة غير مرئية وغير معروفة (إيران)، كما أن بشار لا يحتاج التجانس المجتمعى، إنما فقط لأنصاره ومؤيديه.
أما قضية الديمقراطية وحقوق الإنسان فى العالم العربى فلم تعد أولوية، لا فى شمال المتوسط، ولا فى جنوبه.. وقدمت طرح الدفاع عن «دولة القانون» قبل الديمقراطية، واختلف معى صديق من سوريا وزميل من المغرب متمسكين بطرح الديمقراطية.
اللافت هو تراجع الاهتمام البحثى بمصر من قبل الجامعات ومراكز الأبحاث الجادة والمستقلة لصالح المنظمات المنحازة التى باتت تقدم تقارير سياسية أكثر منها أوراقاً بحثية، ولهذا أسباب كثيرة تتحمل الإدارة السياسية فى مصر جانبا كبيرا من مسؤوليتها.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع