بقلم - عمرو الشوبكي
شاركت الأسبوع الماضى فى بيروت بورشة عمل عن الصحافة المحلية نظمها المعهد السويدى بالإسكندرية (سيغلق أبوابه شهر مارس القادم) وكانت فرصة جيدة للتعرف على خبرات 8 دول وهى مصر وسوريا والجزائر والمغرب وتونس ولبنان، بالإضافة لتجربتين أوربيتين هما السويد وفرنسا.
والحقيقة أن موضوع الصحافة المحلية يطرح على أكثر من مستوى فى مجال النقاشات العلمية الخاصة بمستقبل الصحافة، فهناك من يرى أن الصحافة المحلية هى مثل المحليات فى النظم السياسية يجب البدء بها أولا وهى المدخل الحقيقى لتعلم أى صحفى مهاراته الصحفية، وأن البداية يجب أن تكون فى الصحف المحلية قبل الانتقال إلى الصحف الوطنية، تماما مثلما يرى البعض أن على أى سياسى ناجح أن يكتسب أولا مهاراته من خلال العمل فى المحليات والمشاركة فى الانتخابات المحلية.
صحيح لا يوجد مسار وحيد يضمن نجاح الصحفى أو السياسى، خاصة أن هناك نجاحات حققها كثير من الصحفيين والسياسيين دون المرور عبر «الوسيط المحلى».
أما الأمر اللافت فى تجارب الصحافة المحلية فى التجارب العربية الست أنها جميعا متعثرة وهو ما جعلنى أطرح على زملاء المغرب العربى الثلاثة أثناء جلستهم الخاصة عن سبب تعثر التجربة التونسية فى الصحافة المحلية رغم أنها تعيش تحولا ديمقراطيا، وهو ما لم يكن له إجابة واضحة.
أما الصحافة المحلية فى الجزائر فجزء منها فى يد الدولة، وجزء آخر فى يد مؤسسات أقرب للحكومية، أما فى المغرب وتونس فرغم أن بهما صحافة محلية خاصة إلا أنهما عجزا على تقديم تجربة صحفية ناجحة ومؤثرة فى واقعها المحلى.
ونفس الأمر ينسحب على مصر، فقد غاب تقريبا أى تأثير للغالبية العظمى من الصحف المحلية ولم تظهر صحيفة واحدة خرجت من بيئة محلية سواء كانت عمالية أو حرفية أو مهنية إنما ظلت كلها مبادرات فوقية حتى لو كان بعضها تمتع بمستوى مهنى جيد.
واللافت أن فى التجربة السورية لعبت الصحافة المحلية على عكس ما تصورنا دورا كبيرا فى بث الكراهية والتحريض المتبادل بين أطراف الصراع فى سوريا فى حين كان ينتظر منها أن تتفاعل مع الواقع المحلى وتدعم ضحايا النزاع المسلح والحرب الأهلية وتقترب من المناطق المختلفة بمدخل إنسانى يتعرض لهموم الناس ومشاكلهم اليومية ويعمل على إعادة اللحمة للنسيج المجتمعى الواحد للشعب السورى، وهو ما لم يحدث.
إلقاء الضوء على تجارب الصحافة المحلية فى العالم العربى وبعض دول العالم مسألة مهمة وقد تكون مدخلا للاهتمام بمشاكل الناس اليومية فى واقعهم المحلى بعيدا عن الخطوط السياسية الحمراء التى تقيد الصحافة على المستوى الوطنى.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع