توقيت القاهرة المحلي 08:21:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتواء إيران

  مصر اليوم -

احتواء إيران

بقلم : عمرو الشوبكي

 تركز لقاء واشنطن الذى جمع بين الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ونظيرة الأمريكى دونالد تراب على الالتزام بالاتفاق النووى الإيرانى، واتضح أن هناك مدرستين فى الفكر والسياسة فى التعامل مع القوى أو الدول «المارقة» أو المعارضة: الأولى تقوم على المواجهة وعبر عنها الرئيس الأمريكى، والثانية تقوم على الاحتواء وعبرت عنها أوروبا ممثلة فى الرئيس الفرنسى والمستشارة الألمانية. وقد اقترب الرئيس الفرنسى من إقناع ترامب بالحفاظ على الاتفاق الذى عرف باتفاق خمسة + 1 أى نسبة إلى عدد الدول الغربية المشاركة فى المفاوضات بجانب إيران، حيث وافقت على عدم تخصيب اليورانيوم فوق معدل 3.67 لمدة 15 عاما على الأقل، وعلى تقليص المخزون منخفض التخصيب البالغ عشرة آلاف كيلوجرام إلى 300 كيلوجرام لمدة 15 عاما، كما وافقت أيضا على عدم بناء أى منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم لمدة 15 عاما، وهو ما يعنى استحالة صناعتها لقنبلة ذرية فى ظل هذه القيود.

والحقيقة أن خيار الاحتواء سيعنى أن تأثيره سيتجاوز حقل العلاقات الدولية والعلاقات الغربية الإيرانية ليصل إلى التأثير فى داخل إيران. فالنظام الإيرانى هو واحد من نظم الممانعة الثورية الحقيقية فى المنطقة التى يجب أن تأخذ بجدية على خلاف تجارب الممانعة الفاشلة فى العالم العربى التى مثلتها نظم مثل القذافى فى ليبيا أو بشار الأسد فى سوريا، فهو نظام سياسى ثورى اتسم بالحيوية، وبنى ما يمكن وصفه فى العلوم السياسية بنظام «التعددية المقيدة» أى نظام يسمح بالتغيير بين أجنحة النظام المختلفة بشرط الحفاظ على القواعد والأسس التى يقوم عليها هذا النظام، خاصة نظام ولاية الفقيه الذى يعطى لمرشد الثورة (رجل الدين) صلاحيات أكبر من رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب، وأيضا الحق النهائى فى الموافقة على كل القرارات الكبرى.

والحقيقة أن اعتراف المجتمع الدولى بقوة إيران وفى الوقت نفسه فرضه قيودا حقيقية على طموحاتها النووية يعنى انتقالها من دولة ممانعة خارج المنظومة العالمية إلى دولة ممانعة من داخلها، وهو فارق كبير، وسيعنى من الناحية العملية فتح الباب أمام المجتمع الدولى للتأثير فى النظام الإيرانى من خلال التفاعل السياسى والاقتصادى والثقافى بما يعنى إمكانية دفعه نحو الاعتدال.

والمعضلة أن هذا التصور «الاحتوائى» لم ينجح فى كبح جماح إيران الإقليمى ولا ممارستها العدوانية داخل العالم العربى، حيث ظلت أذرعها الإقليمية تتحرك فى اليمن وسوريا والعراق دون أى كوابح تفرضها سياسة الاحتواء الأوروبية على أدائها فى المنطقة.

ورغم أن الاتفاق النووى لم ينجح تماما فى احتواء إيران إلا أنه مثل خطوة فى اتجاه لجم تطرفها وعدوانيتها تجاه العالم ودول المنطقة.

إن استمرار العمل بالاتفاق النووى الإيرانى أمر فى صالح الاستقرار الدولى والإقليمى حتى لو طالب بعض العرب بتمزيقه، وأن المطلوب هو تفعيله وضمان عدم إعطاء الفرصة لإيران لإنتاج قنبلة نووية ستهدد بها الدول العربية وليس إسرائيل كما تدعى.

احتواء إيران بالمواجهة من داخل المنظومة الدولية أفضل بكثير من إعطائها الفرصة للتهرب من أى التزامات دولية، لان الأخيرة تمثل قيدا عليها ولو جزئيا، وهو ما لم نستطع نحن العرب فرضه عليها.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتواء إيران احتواء إيران



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

بيلا حديد في إطلالات عصرية وجذّابة بالدينم

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon