توقيت القاهرة المحلي 12:53:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

احتواء إيران

  مصر اليوم -

احتواء إيران

بقلم : عمرو الشوبكي

 تركز لقاء واشنطن الذى جمع بين الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون ونظيرة الأمريكى دونالد تراب على الالتزام بالاتفاق النووى الإيرانى، واتضح أن هناك مدرستين فى الفكر والسياسة فى التعامل مع القوى أو الدول «المارقة» أو المعارضة: الأولى تقوم على المواجهة وعبر عنها الرئيس الأمريكى، والثانية تقوم على الاحتواء وعبرت عنها أوروبا ممثلة فى الرئيس الفرنسى والمستشارة الألمانية. وقد اقترب الرئيس الفرنسى من إقناع ترامب بالحفاظ على الاتفاق الذى عرف باتفاق خمسة + 1 أى نسبة إلى عدد الدول الغربية المشاركة فى المفاوضات بجانب إيران، حيث وافقت على عدم تخصيب اليورانيوم فوق معدل 3.67 لمدة 15 عاما على الأقل، وعلى تقليص المخزون منخفض التخصيب البالغ عشرة آلاف كيلوجرام إلى 300 كيلوجرام لمدة 15 عاما، كما وافقت أيضا على عدم بناء أى منشآت جديدة لتخصيب اليورانيوم لمدة 15 عاما، وهو ما يعنى استحالة صناعتها لقنبلة ذرية فى ظل هذه القيود.

والحقيقة أن خيار الاحتواء سيعنى أن تأثيره سيتجاوز حقل العلاقات الدولية والعلاقات الغربية الإيرانية ليصل إلى التأثير فى داخل إيران. فالنظام الإيرانى هو واحد من نظم الممانعة الثورية الحقيقية فى المنطقة التى يجب أن تأخذ بجدية على خلاف تجارب الممانعة الفاشلة فى العالم العربى التى مثلتها نظم مثل القذافى فى ليبيا أو بشار الأسد فى سوريا، فهو نظام سياسى ثورى اتسم بالحيوية، وبنى ما يمكن وصفه فى العلوم السياسية بنظام «التعددية المقيدة» أى نظام يسمح بالتغيير بين أجنحة النظام المختلفة بشرط الحفاظ على القواعد والأسس التى يقوم عليها هذا النظام، خاصة نظام ولاية الفقيه الذى يعطى لمرشد الثورة (رجل الدين) صلاحيات أكبر من رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب، وأيضا الحق النهائى فى الموافقة على كل القرارات الكبرى.

والحقيقة أن اعتراف المجتمع الدولى بقوة إيران وفى الوقت نفسه فرضه قيودا حقيقية على طموحاتها النووية يعنى انتقالها من دولة ممانعة خارج المنظومة العالمية إلى دولة ممانعة من داخلها، وهو فارق كبير، وسيعنى من الناحية العملية فتح الباب أمام المجتمع الدولى للتأثير فى النظام الإيرانى من خلال التفاعل السياسى والاقتصادى والثقافى بما يعنى إمكانية دفعه نحو الاعتدال.

والمعضلة أن هذا التصور «الاحتوائى» لم ينجح فى كبح جماح إيران الإقليمى ولا ممارستها العدوانية داخل العالم العربى، حيث ظلت أذرعها الإقليمية تتحرك فى اليمن وسوريا والعراق دون أى كوابح تفرضها سياسة الاحتواء الأوروبية على أدائها فى المنطقة.

ورغم أن الاتفاق النووى لم ينجح تماما فى احتواء إيران إلا أنه مثل خطوة فى اتجاه لجم تطرفها وعدوانيتها تجاه العالم ودول المنطقة.

إن استمرار العمل بالاتفاق النووى الإيرانى أمر فى صالح الاستقرار الدولى والإقليمى حتى لو طالب بعض العرب بتمزيقه، وأن المطلوب هو تفعيله وضمان عدم إعطاء الفرصة لإيران لإنتاج قنبلة نووية ستهدد بها الدول العربية وليس إسرائيل كما تدعى.

احتواء إيران بالمواجهة من داخل المنظومة الدولية أفضل بكثير من إعطائها الفرصة للتهرب من أى التزامات دولية، لان الأخيرة تمثل قيدا عليها ولو جزئيا، وهو ما لم نستطع نحن العرب فرضه عليها.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

احتواء إيران احتواء إيران



GMT 08:29 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الإجابة عِلم

GMT 08:25 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

العرق الإخواني دساس!!

GMT 08:16 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

وزراء فى حضرة الشيخ

GMT 08:05 2024 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

نجاة «نمرة 2 يكسب أحيانًا»!!

ياسمين صبري بإطلالات أنيقة كررت فيها لمساتها الجمالية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:47 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

أشرف عبد الباقي يكشف أسباب ابتعاده عن السينما
  مصر اليوم - أشرف عبد الباقي يكشف أسباب ابتعاده عن السينما

GMT 05:22 2024 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

حجب منصة “إكس” في البرازيل للمرة الثانية
  مصر اليوم - حجب منصة “إكس” في البرازيل للمرة الثانية

GMT 09:51 2024 السبت ,08 حزيران / يونيو

أنواع مختلفة من الفساتين لحفلات الزفاف

GMT 06:29 2015 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

قضية فرخندة مالك زادة تفضح ظلم القضاء الأفغاني للمرأة

GMT 19:55 2017 الإثنين ,09 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة الفنانة فاتن الحناوي بسبب إصابتها بفشل كلوي

GMT 03:38 2017 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة التخطيط تؤكد أن 5000 فدان في الفرافرة جاهزين للزراعة

GMT 22:33 2016 الجمعة ,18 آذار/ مارس

طريقة عمل البوظة السورية

GMT 09:56 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

توقيع رواية "ودارت الأيام" في بيت السناري

GMT 12:56 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

Snapchat سيتيح للمستخدمين قريبا تغيير "اسم المستخدم" الخاص بهم

GMT 06:41 2021 السبت ,19 حزيران / يونيو

الأرجنتين يتخطى عقبة أوروجواي بهدف نظيف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon